مزايا الشهيد القائد الأممي قاسم سليماني ودوره الريادي في دعم وتأسيس محور المقاومة
} حسن حردان*
عُرف الشهيد القائد قاسم سليماني لدى عامة العرب وحتى شعوب العالم، بعد جريمة اغتياله من قبل الجيش الأميركي بأمر مباشر من رئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترامب.. عُرف بمدى أهمية دوره كقائد عسكري وسياسي، ينسّق حيناً بين قادة حلف المقاومة وروسيا، وحيناً آخر يخطط في غرفة العمليات، ويقود المواجهات في جبهات القتال في كلّ الساحات التي يقاتل فيها أطراف محور المقاومة، انْ كان ضدّ الاحتلال الصهيوني، أو ضدّ المستعمِرين الأميركيين، أو ضدّ أدواتهم الإرهابية والرجعية.. لم يكن يهدأ، ينتقل من جبهة إلى أخرى، فكان يشدّ أزر المقاومين في لبنان خلال حرب تموز عام 2006، ويقدّم لهم المشورة والرأي ويأتي بالمساعدات العسكرية العاجلة لتمكين المقاومة من تحقيق النصر، ويسارع إلى المجيء بالمساعدات المالية لإعادة إعمار ما دمّره العدوان ومنعه من تحقيق ما عجز عن بلوغه بواسطة القوة.. وكان حيناً آخر ينتقل من جبهة إلى أخرى في سورية مشاركاً كقائد وجندي في قتال الإرهابيين التكفيريين ويحتفل مع ضباط الجيش العربي السوري وقيادات المقاومة بالانتصارات التي كانت تنجز وكيف يجب المراكمة عليها لتحقيق انتصارات جديدة.. وكذلك كان القائد سليماني إلى جانب المقاومين في العراق ضدّ الاحتلال الأميركي وبعد ذلك ضدّ أداته الإرهابية تنظيم داعش، حيث كان له الدور الهام إلى جانب رفيق دربه الشهيد ابو مهدي المهندس في تشكيل دعم قوات الحشد الشعبي وتوفير الإمكانيات العسكرية لها مما أسهم في هزيمة داعش وإحباط المخطط الأميركي الذي أوجد داعش لأجل إعادة تعويم هيمنة الولايات المتحدة على العراق…
كما كان للشهيد سليماني الدور الهام في دعم المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وتزويدها بالقدرات والخبرات التقنية التي مكّنتها من صناعة السلاح، لا سيما الصواريخ، مما جعلها قادرة على فرض معادلات الردع وتحقيق الانتصار تلو الانتصار في مواجهة الاعتداءات الصهيونية.. كذلك أسهم في دعم مقاومة الشعب اليمني في مواجهة العدوان عبر تزويدها بالخبرات التقنية في مجال صناعة السلاح..
ولأنّ دوره كان ريادياً في المشاركة في تحقيق انتصارات محور المقاومة، أقدمت إدارة ترامب على ارتكاب جريمة اغتياله مع أبو مهدي المهندس في مطار بغداد… وهذا ما جعله، من حيث مزاياه ودوره الأممي يشبّه بالقائد الأممي تشي غيفارا الذي تولّى بعد انتصار الثورة الكوبية مهمة دعم الثوار في بلدان أميركا اللاتينية والقتال إلى جانبهم، واستشهد في بوليفيا، في حين استشهد القائد سليماني في العراق.. على انّ استشهاده وتشييع جثمانه في إيران كشف حجم المكانة التي كان يحتلها القائد سليماني في قلوب الشعب الإيراني الذي نزل بالملايين في ساحات وشوارع المدن لتوديعه وفاء لدوره في الدفاع عن الثورة ونصرة الفقراء.. وهي مكانة لم يحظ بها، بعد انتصار الثورة الإيرانية على نظام الشاه، سوى الإمام الخميني.. حتى أنه يمكن القول انّ دماء سليماني أعادت تجديد شعلة الثورة الإيرانية التحررية.
من هنا فإنّ الحديث عن مزايا الشهيد القائد اللواء قاسم سليماني يتضمّن أبعاداً متعدّدة اجتمعت في شخصية هذا القائد ودوره الريادي المتقدم في خوض الصراع ضد قوى الاحتلال والاستعمار وادواتهم الإرهابية والرجعية…
أولاً: القائد سليماني وقيم الثورة الإيرانية
انّ الشهيد سليماني إنما هو ابن مدرسة جهادية ثورية تحررية أسّسها الأمام روح الله الخميني قائد الثورة الإسلامية الظافرة التي أطاحت بنظام الشاه العميل للولايات المتحدة والحركة الصهيونية.. تربّى القائد سليماني وترعرع في مدرسة الثورة وتشرّب مبادئها وقيَمها الإنسانية التحررية والأخلاقية، وجسّد بـ أمانة وإخلاص وإبداع هذه المبادئ والقيم قولاً وفعلاً.. فكان المثال والنموذج في التواضع والتفاني والعطاء والتضحية والشجاعة.. وهو ما كان يؤكد عليه الإمام الخميني الذي رفض كلّ مظاهر البهرجة بعد انتصار الثورة، واتخذ من غرفة صغيرة في طهران مقراً له يتابع منه قضايا البلاد والشعب.. وعلى هذه القيم والمبادئ تربى الشهيد سليماني ومارسها في حياته العملية ..
وكان لافتاً انّ الشهيد سليماني قد ركز في وصيته على هذا الجانب من انتمائه إلى مدرسة الإمام الخميني، حيث قال في وصيته:
«إلهي! أشكرك على أن نقلتني من صلبٍ إلى صلب ومن قرنٍ إلى قرن، نقلتني من صلبٍ إلى صلب وسمحت لي بالظهور ومنحتني الوجود بحيث أتمكّن من إدراك أحد أبرز أوليائك المقرّبين والمتعلّقین بأوليائك المعصومين، عبدك الصّالح الخميني الكبير، وأن أصبح جنديّاً في ركابه. فإن لم أحظَ بتوفيق صحبة رسولك الأعظم محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله) ولم يكن لي نصيبٌ من فترة مظلوميّة عليّ بن أبي طالب وأبنائه المعصومين والمظلومين (عليهم السلام)، فقد جعلتني في نفس المسار الذي بذلوا لأجله أرواحهم التي هي روح العالم والخلقة».
وتابع الشهيد سليماني يقول: «اللهم إني أشكرك على أن جعلتني بعد عبدك الصالح الخميني العزيز، سائراً في درب عبد صالح آخر من عبادك الصالحين، مظلوميته تفوق صلاحه، رجل هو حكيم الإسلام والتشيّع وإيران وعالم الإسلام السياسي اليوم، الخامنئي العزيز روحي لروحه الفداء».
ثانياً: القائد الذي ترجم
شعار الثورة «نصرة المستضعفين»
لقد اختير قاسم سليماني، من بين كلّ قيادات الثورة، ليكون القائد الذي يتولى قيادة وبناء قوة القدس، لتجسّد وتترجم شعار الثورة الذي اختاره الإمام الخميني ألا وهو «نصرة المستضعفين في الأرض»، في مواجهة كلّ قوى الاحتلال والاستعمار والظلم والاضطهاد.. فكان أن وظف كلّ جهده وطاقاته في العمل على جعل قوة القدس، فكراً وممارسة، القوة التي تملك القدرة والإيمان لتنفيذ مبادئ الثورة وشعارها الذي استخرج من الآية الكريمة الواردة في القرآن وتقول: «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (٥)وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (٦) (القصص)
وهذا يعني أنّ قوة القدس تمّ بناؤها وتربية أفرادها على قاعدة دعم ومؤازرة كلّ المستضعفين في الأرض دون تمييز وبغضّ النظر عن الانتماء القومي أو الديني أو العرقي.. وهو ما جعل من القائد سليماني يجسّد فكراً وممارسة، دور القائد والمناضل والمجاهد الأممي الذي لا يهدأ ولا يستكين في سبيل نصرة المقاومين وقوى التحرر في المنطقة، وفي الطليعة مقاومة الاحتلال الصهيوني، والاستعمار الأميركي الغربي.. ولهذا كان من حيث دوره الأممي الريادي مصدر قلق دائم للمستعمرين الأميركيين والصهاينة، تماماً كما كان القائد الأممي تشي غيفارا مصدر قلق للإمبريالية الأميركية في أميركا اللاتينية، حيث كان غيفارا، بعد أن ساهم مع رفيق دربه فيديل كاسترو في تحقيق انتصار الثورة الكوبية، كان ينتقل من بلد إلى آخر لدعم قوى التحرر ضدّ الأنظمة التابعة لأميركا.. ولهذا فإنه استشهد وهو يقوم بهذه المهمة، في بوليفيا، في حين استشهد اللواء سليماني في العراق..
ثالثاً: دعم المقاومة الفلسطينية
وبناء معادلاتها الردعية
لقد أعطى اللواء سليماني اهتماماً خاصاً واستثنائياً لدعم المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ، مترجماً بذلك أحد أهمّ أهداف الثورة الإيرانية في النضال من أجل تحرير فلسطين وإزالة الكيان الصهيوني المصطنع، والذي وصفه الإمام الخميني بالغدة السرطانية التي يجب استئصالها.. ولهذا فقد رفعت الثورة الإيرانية بعد انتصارها على نظام الشاه شعار اليوم إيران وغداً فلسطين.. ولهذا تولى اللواء سليماني هذه المهمة وعمَد إلى إقامة الصِّلات الوطيدة مع قيادات المقاومة الفلسطينية، بالتعاون والتنسيق مع القائد في المقاومة الإسلامية في لبنان الشهيد عماد مغنية، ونجح في مساعدة المقاومة في غزة عبر إيصال السلاح إليها، والأهمّ تزويدها بتقنية صناعة الصواريخ وبناء البنية التحتية الذاتية التي تجعلها قادرة على تطوير قدراتها في مواجهة الحصار الصهيوني للقطاع.. الأمر الذي مكن المقاومة من الصمود في مواجهة الاعتداءات الصهيونية على القطاع وتحقيق الانتصارات المتتالية، وتحويل غزة إلى قاعدة محصّنة للمقاومة تزلزل أمن الكيان الصهيوني وتشكل سنداً قوياً لنضال الشعب العربي الفلسطيني في كلّ أرجاء فلسطين المحتلة في سياق استراتيجية أسهم في بنائها سليماني قبل استشهاده، حيث أثمرت هذه الاستراتيجية معادلات ردعية فرضتها المقاومة في مواجهة الاحتلال، والتي كان آخرها معادلة سيف القدس التي نجحت في حماية الوجود العربي الفلسطيني والمقدسات في القدس المحتلة،
وفي هذا السياق أكد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، في لقاء خاص مع قناة «الميادين»، أنّ كلّ الأسلحة الكلاسيكية والصواريخ البعيدة المدى وصلت إلى غزة عن طريق سليماني…
وكشف نخالة أيضاً، أنّ مخططات تصنيع الصواريخ أرسلت الى غزة بعد التدرّب عليها في ضواحي دمشق بقرار من الرئيس بشار الأسد، وأنّ سليماني أرسل عشر سفن من السلاح إلى القطاع.
في حين كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قد فصّل في حوار العام على شاشة «الميادين» دور الشهيد سليماني في دعم المقاومة الفلسطينية، من صواريخ الكورنيت، وكيف طلب الشهيد سليماني أن يتمّ إيصالها إلى المقاومة الفلسطينية في غزة إلى الحديث، عنْ موافقة الرئيس السوري بشار الأسد على ذلك، وكيف سخّر الشهيد سليماني كلّ قدراته وعلاقاته منْ أجل ايصال السلاح إلى غزة، مشيراً إلى أنّ مخازن الأسلحة في السودان التي استهدفها «الإسرائيليون» دليلٌ على كلامه.
أضاف السيد نصرالله، أنه في موضوع السلاح والصواريخ والإمكانات والذخائر لم تكنْ هناك خطوطٌ حمرٌ فكلّ ما يمكن إيصاله إلى المقاومة الفلسطينية لم يكن هناك من تحفظ عليه..
وفي تأكيد على ذلك كان اللواء قاسم سليماني، أكد، قبيل استشهاده، في رسالة نشرتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، «إنّ المشاهد الموجعة في فلسطين تدمي قلوبنا، وتلف صدرونا بحزن شديد، هو حزن في جوهره غضب عميق، غضب سوف نصبّ جامه على رأس الصهاينة المجرمين في الوقت المناسب.»
واعتبر سليماني أنّ نزع سلاح المقاومة الفلسطينية مجرد وهم، قائلاً «ليعلم العالم أجمع أنّ نزع سلاح المقاومة هرطقة باطلة، ووهم لن يتحقق، وأحلام يقظة لن تمرّ، بل كلها أمنيات جائرة كالحة، مآلاتها المقابر.»
وقال سليماني في نص رسالته «إنّ فلسطين في هذا الزمن، هي الحدّ الفاصل بين الحق والباطل، وبين الجور والعدالة، وبين الظالم والمظلوم.. إنّ فلسطين، هي البركان الإلهي الذي لا يمكن إخماده إلا بدحر الغاصب المحتل.»
ووجه التحية إلى «قادة المقاومة الذين دوّنوا أسماءهم بحروف من شرق في تاريخ فلسطين، الذين لا يقبلون المساومة على الحقوق، ولا يتراجعون أمام ضغوط التسليم ومؤامرات الاستسلام.» وخص بالتحية «القادة والمقاومين في كتائب القسام، وسرايا القدس، وأبو علي مصطفى، وشهداء الأقصى، وألوية الناصر صلاح الدين.»
وتعهّد اللواء سليماني بنصر المقاومة الفلسطينية «حتى تبيت الأرض جهنماً للصهاينة… ولن نتوارى للحظة عن الدفاع عن المقاومة ودعمها ودعم الشعب الفلسطيني».
وبالفعل ساهم اللواء سليماني مساهمة كبيرة في بناء استراتيجية المقاومة العربية ضدّ الاحتلال الصهيوني، استراتيجية تقوم على الاعتماد على الذات من خلال تمكينها من امتلاك تقنية صناعة الصواريخ، وبناء منظومة ردع في مواجهة الاحتلال الصهيوني، وإحباط مخططاته لتدمير وإخماد شعلة المقاومة وطمس القضية الفلسطينية…
رابعاً: سليماني والمقاومة في لبنان
انّ العلاقة بين اللواء سليماني وقيادة المقاومة في لبنان شكلت الأساس الذي مكّن المقاومة من الحصول على الدعم العسكري والمالي لخوض الكفاح الطويل النفس ضدّ الاحتلال الصهيوني، وبالتالي تمكّنها من تحقيق الانتصار تلو الانتصار على جيش الاحتلال الصهيوني وتحرير الأراضي اللبنانية التي كان يحتلها، وصولاً إلى تحقيق الانتصار التاريخي والاستراتيجي عام 2000 والذي تمثل في إجبار جيش العدو على الرحيل عن معظم الأراضي اللبنانية في الجنوب والبقاع الغربي بلا قيد ولا شرط.. على انّ انتصار المقاومة الاستراتيجي، شكل نقطة تحوّل هامة في حصول المقاومة على قدرات نوعية مكنتها من فرض معادلات ردعية في المواجهة مع العدوان الصهيوني عام 2006، حيث لعب اللواء سليماني دوراً محورياً وأساسياً في تمكين قيادة المقاومة من الحصول عليها..
في هذا الإطار يقول أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله إنه ”بعد تحرير الجنوب اللبناني عام 2000، كان واضحاً عند الحاج قاسم واخواننا انّ الإسرائيليين سيعودون للانتقام من لبنان بسبب هذه الهزيمة لانّ هذه الهزيمة تاريخية وغيّرت في نظرة الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والعالم الإسلامي تجاه إسرائيل والكيان الإسرائيلي ومستقبل وجود إسرائيل».
وأوضح السيد نصرالله قائلاً «أن يخرج العدو الإسرائيلي من أرض احتلها بالقوّة، أن يخرج بالقوّة وتحت ضغط النار بلا قيد او شرط او اتفاقيات او تعهّدات أمنية هذا ليس له سابق، وبالتالي إسرائيل لن تسمح بهذا المتغيّر وهذا التحوّل الاستراتيجي الفكري والعسكري والميداني والسياسي، ولذلك الإسرائيلي سيعود للانتقام من لبنان وسيشنّ حرباً على لبنان ليقول انّ المقاومة التي ألحقت بي الهزيمة عام 2000 سأسحقها وستدفع الثمن غالياً».
ولفت إلى انّ كثيرين «اعتبروا انّ إسرائيل خرجت من لبنان فانتهى الأمر والمقاومة عليها ان ترتاح وتذهب وتنام وتأخذ عطلة لكن الحاج قاسم والحاج عماد والاخوة كانوا مصمّمين منذ اليوم الثاني للتحرير عام 2000 ان نبدأ الاستعداد للحرب المحتملة».
وأكد السيد نصرالله «هنا يأتي التأثير الأساسي للحاج قاسم وهو انه فتح أمام حزب الله آفاقاً جديدة، مثلاً أصبح لدينا قوة صاروخية حقيقية، وما أقوله الآن هو معروف للعدو وأنا لا أكشف أسراراً الآن، أصبح هناك قوة صاروخية حقيقية لأنه في مواجهة عسكرية جديدة أنت تحتاج الى نوع جديد من القتال والسلاح».
وشدّد السيد نصرالله على أنه «عندما جاءت الأحداث في العام 2006 كان حزب الله على درجة عالية من الجهوزية للدخول في هذه الحرب، وهذه الجهوزية وما حصل في الحرب من انتصارات يعود بعد الله تعالى ونصره الى الأخذ بالأسباب والتي كان أهمّها الأخذ بهذا المستوى من الجهوزية».
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ فقد لعب سليماني بعد ذلك دوراً أساسياً بتزويد المقاومة في لبنان بأسلحة كاسرة للتوازن في الصراع مع العدو الصهيوني، والتي كان أهمّها تزويدها بالصواريخ الدقيقة ومنظومات دفاع جوي.. مما عزز معادلات الردع التي فرضتها المقاومة في مواجهة العدوانية الصهيونية وأطماعها في لبنان.. وجعل العدو الصهيوني يتهيّب شنّ الحرب ويحسب لها ألف حساب..
خامساً: محاربة وهزيمة داعش في العراق…
إذا كان سليماني قد لعب دوراً أساسياً في دعم المقاومة العراقية ضدّ الاحتلال الأميركي للعراق، فإنه أسهم أيضاً بشكل كبير في دعم الحشد الشعبي، منذ بداية تشكيله، لمحاربة داعش وحتى إلحاق الهزيمة به، حيث كان دور سليماني لا يقتصر على توفير الدعم اللوجستي، وإنما كان أيضاً يشارك في ميدان القتال في الخطوط الأمامية إلى جانب رفيق دربه الشهيد ابو مهدي المهندس…
وكشف الأمين العام لحركة النجباء في العراق الشيخ أكرم الكعبي، «أنّ الحشد الشعبي (كان) يعمل تحت إشراف قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني».
ونقلت وكالة «تسنيم» الدولية للأنباء، عن الكعبي قوله في لقاء تلفزيوني عبر قناة «الإخبارية» الإيرانية، في 30 آب 2016، «إنّ الحشد الشعبي هم قوات تطوّعوا لمحاربة الإرهابيين، وكانوا يعملون في الماضي تحت عنوان فصائل المقاومة الإسلامية، التي حاربت الاحتلال الأميركي».
وأكد الكعبي «أنّ اللواء سليماني لعب دوراً هاماً في مراحل تشكيل الحشد الشعبي، موضحاً «أنّ الحشد الشعبي تشكل من عامة الشعب العراقي، وله مكانة اجتماعية كبيرة في العراق، ويشرف عليه قائد فيلق القدس اللواء سليماني».
كما أكد «أنّ حركة النجباء شاركت تحت إشراف المقاومة الإسلامية في كثير من عمليات تحرير الأراضي العراقية من الاحتلال الأميركي»، مؤكداً مشاركتها أيضاً في مدينة حلب السورية، في قتال «الجماعات الإرهابية».
سادساً: مواجهة الحرب الإرهابية
الكونية على سورية
انّ دور القائد سليماني كان هاماً ونوعياً في مساندة ودعم سورية والمشاركة في معارك أساسية الى جانب إقناعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمشاركة النوعية عسكرياً في دعم الجيش السوري في حربه ضدّ قوى الإرهاب العالمي، وقد استمرّ هذا الدور لسليماني حتى الساعات الأخيرة التي سبقت استشهاده حيث كان في دمشق قبل سفره منها باتجاه بغداد للقاء قادة الحشد الشعبي وعلى رأسهم أبو مهدي المهندس، حيث استشهدا معاً في مطار بغداد.. كما كانت لسليماني مشاركات نوعية في الحرب ضدّ القوى الإرهابية أبرزها في معارك تحرير ريف حلب، ودير الزور والبوكمال وتحقيق التواصل البَري بين سورية والعراق وإيران…
لهذا فقد قال الرئيس بشار الأسد بتاريخ 3 كانون الثاني 2020 في برقية تعزية إلى القيادة الإيرانية «انّ ذكر الشهيد سليماني سيبقى خالداً في ضمائر الشعب السوري، الذي لن ينسى وقوفه الى جانب الجيش العربي السوري في دفاعه عن سورية ضدّ الإرهاب وداعميه وبصماته الجلية في العديد من الانتصارات ضدّ التنظيمات الإرهابية».
كما جاء في البرقية، «تلقينا ببالغ الحزن والأسى نبأ استشهاد كوكبة من قادة المقاومة وعلى رأسهم اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس، الذي قضى حياته في العمل الوطني وخدمة بلده ومحور المقاومة، والقضايا المحقة للشعوب وفي محاربة الإرهاب وداعميه».
انطلاقا مما تقدّم يمكن القول انّ اللواء قاسم سليماني كان له الدور الرئيسي، ليس فقط في تقديم كلّ أشكال الدعم لقوى وحركات المقاومة، وإنما أيضاً المشاركة الميدانية في صنع الانتصارات ضدّ قوى الاحتلال والاستعمار وأدواتهم الإرهابية، وفي تأسيس حلف المقاومة الذي اتسعت دائريه ليشمل إلى جانب نواته الأساسية إيران وسورية والمقاومة في لبنان، كلّ من المقاومة في غزة والعراق واليمن، مما أوجد بيئة استراتيجية جديدة للمقاومة، ليصبح حلف المقاومة القوة التي تطوق كيان العدو الصهيوني من كلّ الاتجاهات، بقدرات صاروخية قادرة على ضرب أيّ منطقة أو موقع مهمّ في فلسطين المحتلة.. الأمر الذي رفع من منسوب القلق الوجودي لدى دوائر صنع القرار في الكيان الصهيوني، وجعل قادة هذا الكيان في حالة عجز عن شن الحرب خوفاً من أن تلحق بهم هزيمة جديدة تفوق في نتائجها هزيمتهم خلال حرب تموز عام 2006، وقد تؤدي إلى رسم بدايات تفكك وزوال الكيان المصطنع… وفي هذا السياق قال اللواء السابق في جيش الاحتلال الصهيوني يتسحاق بريك في مقال نشرته صحيفة «هآرتس الإسرائيلية» انّ «إيران تسعى منذ سنوات لنشر عدد هائل من الصواريخ والقذائف حول إسرائيل، بالتعاون مع حزب الله في لبنان، وحماس والجهاد الإسلامي بقطاع غزة، والحوثيين باليمن، والجماعات الموالية لها في سورية والعراق».
وقدر بريك وجود أكثر من «200 ألف صاروخ موجهة في الوقت الحالي على أماكن إقامة الإسرائيليين والأهداف الاستراتيجية العسكرية لتل ابيب». مؤكداً «أنّ البنية التحتية العسكرية والمدنية الحيوية ضمن دائرة التهديد الصاروخي، وانّ الجيش والإسرائيليين غير مستعدّين على الإطلاق لهذا التهديد الوجودي الذي يلوح بالأفق».
مصادر:
ـ موقع قناة «المنار»: وصية الشهيد اللواء قاسم سليماني
ـ موقع قناة «الميادين»
ـ وكالة «تسنيم» الدولية للأنباء
ـ موقع «مهر» الإيراني
ـ وكالة الصحافة الفرنسية
ـ موقع «عربي 21»