مع المقاومة في لبنان.. تضحية وصمود وانتصارات إعداد: إنعام خرّوبي
عام 1998، التقى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الجنرال قاسم سليماني، للمرة الأولى في لبنان بعد تسميته من قبل المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي خامئني قائداً لـ «فيلق القدس».
وقال السيد نصرالله في حوار مع التلفزيون الرسمي الإيراني عُرِض في شباط 2020 أنه لم يكن يعرف سليماني ولم يجمعهما لقاء قبل اجتماعهما في لبنان.
وأضاف: «لم أكن أعرف سليماني. لقد كان في جبهات الحرب أو في كرمان وبلوشستان. لم يكن يتواجد في لقاءات جمعتنا بمسؤولين إيرانيين في طهران. ولم تكن لديّ معرفة مسبقة به. كان لقاؤنا في بيروت هو اللقاء الأول».
وأشار السيد نصرالله إلى أنّه خلال اللقاء الأول علم بتعيين سليماني في قيادة «فيلق القدس»، كاشفاً أنّ الشهيدين القياديين في حزب الله مصطفى بدر الدين وعماد مغنية كانا من بين الحاضرين.
ولفت إلى أنّ ذلك الاجتماع «ترك انطباعاً جيداً جداً وإيجابياً للتعاون»، مشيراً إلى أنّ سليماني «لم يكن قيادياً عسكرياً، فحسب بل كان يفهم القضايا الأمنية بعمق وجدية، كان رجل أمن بكلّ ما في الكلمة من معنى».
ونفى السيد نصرالله حينها أن يكون تعيين الشهيد عماد مغنية في قيادة الجناح العسكري لـ«حزب الله» على صلة بوصول الجنرال قاسم سليماني إلى بيروت، موضحاً أنه «تدبير داخلي».
بين بيروت وطهران
خلال عدوان 2006
وأكد الأمين العام لحزب الله أنّ سليماني «ترك التأثير الأكبر على حزب الله في السنوات الست الفاصلة بين انسحاب إسرائيل في عام 2000 وأول مواجهة بين حزب الله وإسرائيل في 2006»، مشيراً إلى أنهما كانا يتوقعان اندلاع حرب مع الكيان الصهيوني خلال تلك السنوات.
وردّاً على سؤال عن بداية حصول حزب الله على الصواريخ، أشار السيد نصرالله إلى أنّ القائد سليماني ركز خلال هذه السنوات على تسليح حزب الله، لافتاً إلى أنّ الوصول إلى القدرات الصاروخية تطلب «عمليات معقدة وصعبة». وكشف أنّ الشهيد سليماني أصرّ على البقاء مع الشهيد مغنية طيلة حرب 2006، «رغم قدرته على إدارة الحرب من سورية أو من إيران».
وذكر السيد نصرالله، خلال اللقاء التلفزيوني المُطوَّل، كيف كان الجنرال الشهيد يتنقل خلال أيام الحرب، بين بيروت وطهران، وأنه توجه بعد أسر الجنديين «الإسرائيليين» إلى مدينة مشهد لحضور اجتماع للمسؤولين الإيرانيين برئاسة السيد علي خامئني لبحث كيفية تقديم المزيد من الدعم لحزب الله، حيث دوّن الشهيد سليماني مجريات اللقاء بخط يده ونقلها إلى السيد نصر الله.
لم يكن يتدخّل أو يُملي رأيه
وحول موقف سليماني بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري ومحاولة نزع سلاح «حزب الله» والمحكمة الخاصة بالاغتيال، قال: «إنّ سليماني كان أكبر محلل سياسي، وكان يرصد كلّ المنطقة، ويقدّم لنا الدعم الفكري». أضاف: «لم يكن يتدخل أو يملي رأيه. لم يفرض. كان يقول دائماً: أنتم أهل البلد وتعرفون تياراته أفضل وأكثر، لكن في أغلب الأوقات كان يريد الاطمئنان».
أبو مهدي المهندس
أما عن علاقته بالشهيد أبو مهدي المهندس، قال نصر الله إنه تعرّف في بداية تسعينات القرن الماضي في طهران على أبو مهدي المهندس، نائب قائد «الحشد الشعبي»، الذي استُشهد مع سليماني بداية الشهر الماضي، مشيراً إلى أنّ آخر لقاء جمعه بالمهندس كان قبل شهور من الاغتيال.
وأشار إلى أنه حذر سليماني من «مخاطر التوجه إلى الخطوط الأمامية للقتال»، بعد تداول تسجيلات وصور له عبر شبكات التواصل الاجتماعي في سورية والعراق. وتطرق إلى الصورة الثلاثية التي جمعته مع سليماني والمهندس، كاشفاً أنها كانت على هامش اجتماع مطول في الضاحية الجنوبية بعد هزيمة «داعش» في العراق.
وعن آخر لقاء جمعه إلى سليماني، قال نصر الله إنهما عقدا اجتماعاً امتدّ ما بين ست إلى سبع ساعات يوم الأربعاء الذي سبق مقتل قائد «فيلق القدس» فجر الجمعة في بغداد. وكان نصر الله سأل مقرباً من سليماني الإثنين عما إذا كان ينوي زيارة بيروت، لكنه أخبره بنيته التوجه إلى العراق، قبل أن يلتقيه صباح الأربعاء في بيروت. وكان قد وصل الثلاثاء إلى دمشق.
نبأ الاستشهاد
وعن لحظة تلقيه نبأ استشهاد الجنرال سليماني، قال السيد نصر الله إنه كان يلقي نظرة خاطفة على شاشة التلفزيون أثناء القراءة عندما قرأ خبراً عاجلاً عن استهداف سيارة في مطار بغداد. وقال: «كانت الساعة 12 ليلاً. عادة ما أفتح التلفزيون من دون صوت لقراءة الأخبار العاجلة»، مشيراً إلى أنه قرأ خبراً عن سقوط صواريخ كاتيوشا في مطار بغداد.
وأضاف: «قلت لنفسي إنّ الوضع في العراق متشنّج، بعد قصف قواعد الحشد الشعبي وبعدها أحداث السفارة الأميركية. بعد لحظات قرأت خبراً عاجلاً عن استهداف سيارة للحشد الشعبي على يد الأميركيين. لا أتذكر ربما كانت الساعة الواحدة أو الواحدة والنصف ليلاً. لأنني كنت أعرف أنه يتوجه (سليماني) تلك الليلة من دمشق إلى بغداد اتصلت فوراً بالأخوة، لأنّ من كان يرافقه إلى مطار دمشق من فريق حمايتي».