هل غيّرت روسيا قواعد الاشتباك؟
} عمر عبد القادر غندور*
منذ الغارة «الإسرائيلية» على مرفأ اللاذقية في الثامن والعشرين من كانون الأول الماضي والشعوب العربية وخاصة الشعب السوري لا يستطيع هضم هذه الغارة الصهيونية التي لم تُصب المكان وحسب، بل أصابت الهيبة الروسية في الصميم، ونشطت وسائل التواصل الاجتماعي في انتقاد الحضور الروسي وفاعليته ولو بالحدّ الادنى، وكنا أشرنا في حينه الى ما أذاعته وزارة الدفاع الروسية وقالت فيه انّ الامتناع عن التصدي للطائرات المغيرة تزامن مع هبوط طائرة نقل عسكرية في قاعدة «حميميم» التي تبعد 15 كيلومتراً عن المكان المستهدف، وهو ما لم يرتق الى الإقناع.
ولأنّ مرفأ اللاذقية يعتبر شرياناً حيوياً للاقتصاد السوري المُحاصَر بالعقوبات الأميركية وقانون قيصر، ويضمّ 620 ألف حاوية و 23 رصيفاً، وقد أدّت الغارة الى تضرر معظمه بأضرار بالغة، تستحضر ذاكرة انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020 في عز الأزمة الاقتصادية اللبنانية المتماثلة للأزمة السورية، والانفجار الحاصل في مرفأ البصرة، الأقلّ حجماً، ونتساءل:
هل هي حرب المرافئ؟ لمصلحة المرافئ المحتلة في فلسطين على الجانب الشرقي للبحر الأبيض المتوسط؟
وهل المطلوب حماية دولية لمرفأ اللاذقية؟
وثمة سؤال آخر: هل غيّرت روسيا قواعد الاشتباك بينها وبين «إسرائيل»؟
قبل انفجار مرفأ اللاذقية كانت الممنوعات المتفق عليها بين روسيا و»إسرائيل» أن لا تهاجم دولة الاحتلال سورية خلال النهار من خارج المجال الجوي السوري، وهو ما كان يحصل من خلال المجال الجوي اللبناني، وان لا يحصل ذلك في المدن، بينما الغارة على مرفأ اللاذقية في ساعة الفجر الأولى وعبر الأجواء السورية وفي مجال عمل القوات الروسية!
ولا يفوتنا انّ الدول ليست مؤسسات خيرية تعمل لصالح غيرها إلا وفق مصالحها، وقد تكون «الحشرة» الروسية على طول الحدود الأوكرانية هي ضمن ما يستدعي تغيير قواعد الاشتباك في منطقتنا في ضوء انتشار 90 ألف جندي روسي على حدود أوكرانيا الشرقية، وتروّج أجهزة الاستخبارات الغربية انّ روسيا لن تنتظر أكثر من الشتاء الحالي بينما لا يوجد شعور بوجود تهديد وشيك، ودعا الكرملين الى التحلي بالهدوء.
في الوقت الذي يعتبر فيه «الأميركان» انّ الصين هي عدوتهم الكبرى، وقال مسؤول أميركي انّ عسكريين أميركيين يدرّبون سراً الجيش التايواني لتمكين جماعات الجزيرة التايوانية في مواجهة الصين، وهو ما تعتبره الصين مساساً خطيراً لجزيرة يسكنها 23 مليون نسمة وهي جزء من أراضيها وستستعيدها بالقوة إذا لزم الأمر.
ما يعني انّ الدول تدرس خياراتها وحساباتها وفق ما تراه في صالحها.