هل انتهى مشروع حركة أمل؟!
} حسن الدّر
لسنا مراهقين في السّياسة ولا طارئين على العمل الوطني، ولسنا عابرين في كلمات المتقلّبين العابرة، ولا حالة شخصيّة تنتهي بانتهاء الشّخص المنتسبة إليه.
نحن جزء من مكوّن لنسيج الوطن، وركن المقاومة الأوّل، ونحن من صنّاع تاريخ لبنان الحديث، وهذا الكلام لرئيس جمهوريّة فرنسا “العظمى” الأسبق فرنسوا ميتران عندما استقبل رئيس حركة أمل نبيه بري في قصر الأليزيه لمدة ساعة وربع السّاعة، إثر انتفاضة 6 شباط عام 1984، يومها ودّعه على درج «الأليزيه» كاسراً كلّ البروتوكالات، حينها لم يكن نبيه بري رئيساً للمجلس ولا نائباً ولا وزيراً، وعندما سئل الرئيس الفرنسي عن سبب كسره البروتوكول أجاب: «أنا اتعامل مع الذين يصنعون التاريخ»!
بهذه العبارات علّق أحد قياديي حركة “أمل” على كلام أطلقه أحد المحلّلين السياسيين أوّل من أمس، شاطباً حركة أمل من المعادلة في المرحلة المقبلة!
أضاف القياديّ في “أمل”: نكنّ كلّ الاحترام للمحلّل الّذي قرأ هذه القراءة، رغم انتقادات كثيرة توجّه إليه بسبب تقلّب مواقفه بين مرحلة وأخرى، ولسنا في معرض الرّدّ الشخصيّ عليه، ولكن، احتراماً لمشاعر عشرات آلاف المنتسبين والمؤيدين للحركة، واحتراماً لعوائل آلاف الشّهداء، لا بدّ من درء هذه الشّبهات وغيرها من الحملات المغرضة الّتي تناوبت على تناول الحركة ورئيسها، ومحاولة الانتقاص من حضورها وتشويه دورها على مدى قرابة الخمسين عاماً من النّضال والجهاد السّياسيّ والعسكري دفاعاً عن وحدة لبنان ونسيجه الاجتماعيّ، علماً بأنّ الحديث عن نهاية حركة “أمل” وانتفاء مبرّر وجودها معزوفة قديمة بدأت منذ اختطاف إمامها ومؤسّسها عام 1978 ولم تنتهِ إلى اليوم.
وإذا كنّا نحمل كلامه على محمل التّحليل الصرف، وهذا حقّ لأيّ متصدّ للشّأن السّياسي في البلد، نجد من واجبنا اتّجاه حركتنا وإمامها الّذي يراه اليمين واليسار، وما بينهما، إماماً لكلّ لبنان وكلّ اللّبنانيين، والّذي حُرم حرّيته وغيّب عن ساحة جهاده بسبب إيمانه بلبنان الدّور والرّسالة، وبسبب رفضه الخوض في حروب الدّاخل، يوم أراد كلّ الآخرين تقسيم لبنان وتهجير مسيحييه، وتغيير وجهه الحضاري، فكان يقول: “كانت الأديان واحدة حيث كانت في خدمة الهدف الواحد. دعوة الى الله وخدمة للإنسان، وهما وجهان لحقيقة واحدة”، هكذا آمن موسى الصّدر بلبنان، ولهذا تمّ تغييبه.
وتابع القيادي قائلاً: حركة أمل، قبل اتفاق الطائف، أسّست المقاومة ضدّ الكيان الصّهيوني، وحاربت ضدّ التّقسيم وضدّ التوطين، وأسقطت اتفاق السابع عشر من أيّار، وحمت الأقليّات في مناطق نفوذها ومنعت تهجيرهم وشراء بيوتهم وأملاكهم، ومجلس الجنوب كان نموذجاً للإنماء المتوازن في الجنوب والبقاع الغربي، فلم يميّز بين القرى والمدن على أساس طائفيّ أو مناطقيّ.
وبعد الطائف مارست الحركة ورئيسها دوراً وطنياً بامتياز، فكانت صلة الوصل وعلامة الجمع بين المكوّنات المتنافرة، لم تستعدِ أحداً، ولم تتخلّ عن مبادئها، بل رفع رئيسها نبيه برّي شعار: “لا عداوة في الداخل بل هناك خصومات سياسية مشروعة”، وبناء على هذه الرؤية تسابق الخصوم قبل الحلفاء على توصيف الرئيس نبيه بري بأوصاف شتّى تلتقي كلّها على تقدير واحترام دوره الوطنيّ، فهو رجل الدولة وآخر الحكماء وصمام الأمان وعرّاب الحوار، وغيرها الكثير من الصفات التي تؤكد فرادة الدور وتميّز الأداء.
على هذا الأساس بنت حركة “أمل” تحالفاتها وخصوماتها وفق مقتضيات المواقف السياسية والظروف المحيطة بها، متمسّكة بثوابت راسخة، وضعها الإمام موسى الصّدر وسارت القيادة على أساسها:
ـ لبنان وطن نهائيّ لجميع أبنائه، عربيّ الانتماء والهويّة.
ـ التنوّع اللبناني غنى وثروة يجب التمسك بها.
ـ “إسرائيل” عدوّ لبنان الوحيد والتصدي لأطماعها واجب وطني وأخلاقي وإنسانيّ.
ـ القضيّة الفلسطينية قضيّة حقّ ودعمها واجب.
ـ سورية تمثّل البعد الاستراتيجي للبنان ورئته الوحيدة وبوابة عبوره البرية إلى العالم العربي.
ـ العرب أخوة لنا تربطنا بهم لغة واحدة وتاريخ واحد وهموم مشتركة، ونعمل على أفضل العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل.
ـ إيران دولة صديقة يربطنا بها، كحركة، بعد عقائديّ لا يناقض التزامنا بسيادة لبنان وحريّة قراره.
ـ لبنان لا شرقي ولا غربي، والعلاقات مع الشرق والغرب ضرورة لحماية مصالح لبنان وشعبه.
ـ العبور إلى الدولة المدنية هدف نهائي، مع الحفاظ على المناصفة التي تميّز لبنان عن محيطه.
هذه ثوابتنا وهذا مشروعنا، ومن يجد بديلاً عن هذه الصيغة فليطرحه للنقاش ونحن منفتحون على أيّ طرح يعطي لبنان واللبنانيين أملاً أفضل، في ظلّ المتغيّرات الكبرى التي تعصف بالمنطقة والعالم… يختم القيادي في حركة أمل!