إلى جنات الخلد دكتورة عائدة نعمان
} المحامي أسامة العرب
غيّب الموت المفجع، سيدة فاضلة، لطالما عملت بحيوية ونشاط لخير الناس حتى استحقت بجدارة موقعاً محبّباً في قلوبهم. كانت الفقيدة الدكتورة عائدة سلمان نعمان تضجّ دينامية وشغفاً لمساعدة الفقراء وحلّ مشكلات البائسين في مجتمعاتهم المدنية وشدّ أواصر الألفة بينهم وبث التفاؤل لديهم.
النبأ الصاعق، صدم الجميع وأهل بيروت الوطنية بالذات، الذين عرفوها عن كثب كسيدة فاضلة وخيّرة في جميع الحقول التي لها علاقة بتقدّم الناس وارتقائهم. لقد شكلت المرحومة مع زوجها الصديق معالي الوزير الدكتور عصام نعمان وأولادها، عائلة معطاءة ونشطة في عالم الخير والخدمة العامة، عمادها الوطنية الصادقة ومحبة الناس والفقراء وخدمتهم والأخذ بيدهم لمواجهة مصاعب الحياة وأعبائها.
استطاعت الفقيدة، رغم الآلام والمعاناة التي خبرتهما في مرضها، أن تتغلّب على كلّ المعوقات وتقاوم كمؤمنة بالله، القدر الصعب وأحكامه القاسية. وقد استمرت تعطي بدون حساب، وتسعى رغم كلّ شيء لإغاثة الملهوف وجلب البسمة إلى ثغور البائسين واليائسين والمعوزين.
ولطالما لفتت الفقيدة أنظار زملائها الأساتذة الجامعيين في الشأن العام، بتواضعها ودماثة خلقها وخوضها غمار التعليم الجامعي، عبر تبنّيها وسعيها الدؤوب لوصول المرأة إلى أرفع المناصب وانتخابها في المجالس النيابية والوزارية والتي كانت حتى الماضي القريب حكراً على الرجال فقط. ولم تسع الراحلة إلى مجد شخصي، بل أيّدت ودعمت أيّ امرأة، سعت إلى هذا التمثيل وذلك الواقع.
شاركت في العديد من الجمعيات ونشطت في بيروت، وكانت عنصراً فاعلاً في إدارة الجامعة اللبنانية الأميركية. وبيروت الوطنية حزينة يوم تناهى إلى سمعها الخبر الأليم، لا سيما أنّ كرمها وحبها للآخرين لطالما ظلّل فقراء بيروت وخصوصاً أولئك الذين يعانون البؤس والشقاء.
لقد جسّدت المرحومة عائدة دور الزوجة المثالية المسلمة التي أعطت لزوجها وبيتها ومجتمعها كلّ ما تختزن من تفانِ وعطاء ومحبة. وإننا وبحزن عميق نشدّ على أيادي زوجها وعائلتها ونناشدهم تحمّل الرزية التي حلّت بهم والاستمرار بمتابعة رسالتها. ونحن ندرك كم كانت كبيرة معاناة الأخ الكبير الدكتور عصام نعمان الذي طالما تحمّلت زوجته الراحلة المرحومة عائدة معه مشاقّ عمله السياسي والمهني والاجتماعي والعائلي.
على أساس مساهمة المرحومة عائدة بالعمل الاجتماعي والإنساني وتفانيها في هذا المجال، نتوجه إلى محافظ بيروت الرئيس مروان عبود بطلب تسمية شارع من شوارع المدينة المعطاءة باسمها تخليداً لذكراها وعرفاناً بجميلها على كلّ الصعد.
إنّ تحقيق هذا المطلب يعني تكريمها كأستاذة جامعية أعطت الكثير من إنسانيتها وتفانيها وثقافتها وجهدها لبيروت التي أحبتها وصمدت معها في السراء والضراء.
ولا نعتقد أننا نطلب الكثير، فهذا أقلّ ما يمكن عمله في مقابل كلّ الجهود والمحبة التي بذلتها وأعطتها الأخت والصديقة الراحلة.