مقالات وآراء

هؤلاء الإرهابيون يتهمون المقاومة بالإرهاب!

} جمال محسن العفلق

ارتفعت نبرة الصوت في الآونة الأخيرة وخصوصاً من دول الخليج وأخذ الخلاف السياسي وجهاً آخر مختلفاً حيث أصبحت منابر الخليج تتهم المقاومة بالإرهاب ليأتي الخطاب الرسمي متمّماً لما بدأت فيه تلك المنابر الإعلامية والتي هي موجهة بالأساس وفق سياسة دول الخليج ومن يتبع لها، ولا يُخفى على أحد حجم الأموال التي تدفع لشيطنة المقاومة وتصويرها على أنها الغول الذي يأكل الأخضر واليابس وأنها سبب كلّ الخراب في المنطقة العربية ولولا وجودها لكنا اليوم نعيش في الفردوس على الأرض، والمثير بالأمر أنّ هناك من يدافع عن مواقف دول الخليج ويكرّر كلامها وخصوصاً ما تصرّح به المملكة السعودية رسمياً، فعلى الصعيد الوطني أصبح هؤلاء يمثلون مصالح السعودية لا مصلحة بلدانهم! وكأن دفاعهم عن السعودية ينطبق عليه المثل القائل إنهم «ملكيون أكثر من الملك نفسه».

ففي المواقف المرصودة نجد من كان يدافع أو يدّعي انه يدافع عن الشعب السوري تحت عنوان الإنسانية، وفي المقابل يصرّح انه لا يجوز للسياسيين التطرق بتصريحات عبثية عن حرب اليمن، وكأنّ الإنسانية مقسومة وفق المصالح الآنية لا المواقف المبدئية. وعلى المقلب الآخر يتجاهل كلّ هؤلاء ما يحدث في فلسطين المحتلة من أعمال قتل وتشريد وتدمير للأرض والإنسان معاً.

وبالعودة لما تمّ تداوله في الأسابيع الأخيرة رفض هؤلاء جميعاً ردّ المقاومة على التصريحات السعودية، واعتبروا انه لا يجوز الردّ من باب انّ ما يحقّ للسعودية لا يحقّ لغيرها، ولسان حالهم يطلب من المقاومة الخضوع وقبول الاتهامات والرضوخ لكلّ تعليمات المملكة، حتى انّ السفير السعودي في بيروت يغرّد خارقاً كلّ الأعراف الدبلوماسية ومتهماً حزب الله بأنه «إرهابي» متناسياً انّ الحزب له تمثيل برلماني وسياسي على الأرض وهو مكون أساسي من مكونات لبنان المستقل.

فالإعلام العربي كما الحكومات العربية لا تستطيع اتهام الكيان الغاصب بالإرهاب رغم أنّ للعصابات الصهيونية تاريخاً وحاضراً لا يمكن تجاهله في الإرهاب والعمليات الإرهابية، ولو أردنا تعدادها اليوم سنحتاج إلى مجلدات، ومع هذا لا تتجرأ تلك الكيانات على ذكر إرهاب الكيان الصهيوني الذي سرق ونهب وقتل ولا يزال ينكل بالأسرى ويبث سمومه في المنطقة دون حسيب أو رقيب وتحت حماية الولايات المتحدة الأميركية التي لا تقلّ أفعالها الإرهابية في العراق وسورية عن أفعال الكيان الصهيوني.

وليس بعيداً عنا التصريحات الرسمية أو التي فرضتها الحكومات على دور الإفتاء حيث أنّ كلّ مراكز الإفتاء رفضت تكفير القاعدة او طالبان او حتى داعش واعتبارهم مجموعات فاسقة ولكنها ليست كافرة ولا يجوز تكفيرهم، ورغم كل الأعمال الإرهابية التي صوّرتها تلك الجماعات الأصولية ومَن دعمها لكن لم يتمّ اتهامهم بالإرهاب او شيطنتهم، كما يحدث اليوم مع المقاومة، والسبب لم يعد خفياً على أيّ متابع… فكلّ من يحارب الكيان الصهيوني أو يرفع صوته بوجه أميركا هو «إرهابي» وقد اتبع الكيان اليوم سياسة جديدة فلم يعد بحاجة لمحاربة المقاومة إنما أعطى المهمة للحلفاء المطبّعين منهم بالعلن أو بالسر ليقوموا بهذا الدور فيما تجلس اليوم العصابات الصهيونية متفرّجة على كلّ ما يحدث، فمحاولاتها العسكرية فشلت في نزع سلاح المقاومة، وكذلك فشل العملاء في الداخل بهذه المهمة، واليوم صار اللعب على المكشوف حيث تقوم دول التطبيع بالمهمة والكيان يزوّدهم بالمعلومات الاستخبارية ويحميهم عسكرياً.

فاتهام المقاومة أنها خطر على الأمن القومي العربي هو أتهام ساذج وكأنّ المقاومة هي مَن دعمت الغرب لاحتلال العراق، وهي التي موّلت المجموعات الإرهابية في سورية، وهي التي أعطت الكيان الصهيوني الوعود والمواثيق وسلمته مصير المنطقة، وهي التي اعتدت على اليمن ولا تزال تقصف بيوت المدنيين وتطبق الحصار وتمنع الدواء والغذاء.

قد يكون من حق هؤلاء مهاجمة المقاومة سياسياً ومخاصمتها، لكن لماذا يسير في ركبهم من يدّعون أنهم يريدون بناء وطن وترسيخ العدالة فيه؟ فهل تبنى الأوطان بالتبعية العمياء؟ وما هو مستقبل لبنان والمنطقة في حال سيطرت دول التطبيع على مقدرات هذه البلاد؟

قد يكون من حق تلك الدول اتباع أيّ نهج سياسي يخدم مصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية، ولكن ليس من حقها فرض هذه السياسة على الآخرين وما تريده تلك الدول اليوم هو إلغاء وجود ميناء بيروت والسيطرة على الغاز ودعم مجموعة محدّدة فقط تخدم تلك الطموحات، ولا يعنيها ان تعيش شعوب المنطقة او تموت، وكلّ هذا برعاية التوسع الصهيوني والشركات الأميركية التي تريد أخذ حصتها من ثروات لبنان بالمجان كما تفعل اليوم في سورية ومنطقة شرق الفرات بحجة انها تدعم «قسد».

إذن… تهمة الإرهاب لا تنطبق على من يقاوم الاعتداء ولا على من يدافع عن أرضه ووجوده وقد سمحت كلّ الشرائع السماوية والوضعية بهذا الحق ولا يعيب الإنسان انه يدافع عن نفسه والإرهاب الحقيقي هو ما تقوم به عصابات الاحتلال ومجموعات التطبيع الأعمى معه والإرهاب الفكري ان تشطب أيّ عبارة في مقال او تغريدة او منشور على وسائل التواصل تفضح دور تلك المجموعات الإرهابية والتي تسوّق اليوم لعبارة أننا واليهود أخوة في الإنسانية»، ومن قال إننا على خلاف مع أيّ إنسان على هذه الأرض لأنه يتبع ديناً او مذهباً؟ ويبعدون الناس عن جوهر الخلاف أننا في صراع مع الحركة الصهيونية التي لا تمتّ بصلة لمفاهيم الدين، بل تريد اقتلاع شعبنا، والقضاء على حضارتنا، وابتلاع أرضنا وبلادنا بكلّ ما فيها من خيرات وثروات…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى