وحدة وطنية
مَن يتوقع أن تسفر المبادرة الجزائرية عن تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية هو واهم حتى النخاع، سلطة عباس ستقوم بإفشالها، لا يخامرني أدنى شك في ذلك، سلطة عباس تتلقى الأموال من الاحتلال حين تحقق مجموعة من الشروط، على رأسها شرطان لا مندوحة من الالتزام بهما… أوّلهما: التنسيق الأمني الذي قال عنه دعبس بأنه مقدس، وكرّرها مرتين حتى لا يشك أحد في ذلك. ثانيهما: الإبقاء على حالة الإنقسام، فأيّ حالة من الوحدة بين الفلسطينيين هي تهديد للأمن «الإسرائيلي»، ولذلك يجب الإبقاء على حالة الانقسام طالما هنالك صراع في المنطقة.
عزام الأحمد (أبو طلقة أولى)، سيذهب إلى الجزائر، وسيجلس ويتفاوض، ويحضن ويبوّس اللحى، وسيرفع شارة النصر، وحينما يعود الى المقاطعة، سيجلس هذه المرة مع دعبس وشلّة الأونطة لرسم خطة التفشيل، بأيّ ذريعة كانت. لن يعدموا وسيلة لإفشال المبادرة الجزائرية، فأيّ شيء قد يؤثر على تدفق المال هو شيء مرفوض، سلطة تنام وتصحو وهاجسها وديدنها هو الحصول على المال في الموعد المحدّد… ثم توزيعه على كلّ المتعاونين والعاملين والأزلام، لن تسعى لا لوحدة وطنية ولا لأيّ شيء آخر.
يتحدث الراحل الكبير أنيس النقاش عن تجربة له مع دعبس… إذ بادر النقاش ذات مرة دعبس في أحد اللقاءات وسأله عن الاستراتيجية التي ينتهجها في الصراع مع «إسرائيل»؟ فكان ردّه: يا عزيزي ـ وكان هذا الكلام في عهد شارون ـ أنا ليس لديّ وقت للتفكير ولرسم الاستراتيجيات التي تتحدث عنها، أنا كلّ الذي يهمّني هو أن أتلقى المخصصات في آخر الشهر من شارون، ومن ثم أقوم بإدارة هذه المخصصات. هذا هو دعبس! هكذا كان، وهكذا سيبقى، رجل فقد ظله منذ أمدٍ بعيد، وليس ظله فحسب، لقد فقد الرجل انتماءه أيضاً…