الإمساك ثم التفريغ…
أضحى واضحاً انّ الخطة «الإسرائيلية» في ما يتعلق بالضفة الغربية والتي يعتبرها الاحتلال جزءاً لا يتجزأ من «إسرائيل التلمودية»… بل هي الجزء الأهمّ في كلّ الأرض المحتلة، ناهيك عن أنها تمثل من الناحية الجغرافية تغليظاً للعمق الاستراتيجي الضحل الذي كان قائماً قبل حرب الأيام الستة، أضحى واضحاً انّ الخطة تنقسم الى مرحلتين… المرحلة الأولى هي الإمساك بالأرض والذي نجحت «إسرائيل» في تحقيقه إلى حدّ بعيد من خلال الاستيطان والتعاون مع سلطة أوسلو في كبح جماح أية مقاومة لذلك قد تطرأ من قبل أهل الضفة الغربية، لقد ساعد في تحقيق ذلك التنسيق الأمني، وقليل من البحبوحة في العيش للسكان ساهم في صنعها الرواتب التي كان يتقاضاها العاملون مع السلطة من قوى أمن أو قوى مدنية لإدارة الحالة المعيشية.
كذلك ساهمت المفاوضات العبثية الماراثونية من الناحية النفسية بالإيحاء بأنّ حلّ الدولتين آتٍ، وما علينا سوى الانتظار، رغم انّ الممارسات على الأرض كانت واضحة في اتجاه قتل مشروع الدولتين، اذ لم يمض وقت طويل حتى غدت الدولة الفلسطينية في مهب الريح، وغير قابلة للحياة بسبب الاستيطان.
أما المرحلة الثانية، فكانت وهي حالياً في طور التنفيذ وتتمثل في تفريغ الضفة من السكان الفلسطينيين، كان في منطقة اللاوعي «الإسرائيلي» تجربة عرب الداخل، والتي اكتشفت «إسرائيل» لاحقاً انّ الإبقاء عليهم في الداخل كان خطأ استراتيجياً لأسباب ديموغرافية لن تكرّره في الضفة، فبدأت الآن بالعمل بكلّ الوسائل لتفريغ الضفة، من خلال جعل حياة الفلسطينيين هناك جحيماً لا يُطاق، بالنسبة لكلا الطرفين، الفلسطيني و»الإسرائيلي»، الضفة هي عقب أخيل، ان أخذوها راحت فلسطين الى الأبد، وان استرجعناها راح المشروع الصهيوني الى الأبد ، وأولى خطوات الاسترجاع، طمر سلطة أوسلو تحت التراب.