خداع
يقول فلاسفة الحرب… إذا كنت ضعيفاً عليك ان تتظاهر بالقوة، وإذا كنت قوياً عليك ان تتظاهر بالضعف، وذلك حتى تحقق المفاجأة على كافة الاصعدة التكتيكية أو الاستراتيجية او التعبوية…
في لعبة البوكر يُقال له الوجه المخادع… حيث يعتريه المظهر الواثق القوي وهو في وضع مغاير، ويعتريه التردّد والوهن وهو في حالة قوة وتمكّن. أنا أعتقد انّ الممارسات التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية من تقرّب عدواني نحو الصين وروسيا، وتصعيد في المواقف وتشديد في العقوبات لا يشي بحقيقة الأمر، وهو لا يعدو كونه للظهور بمظهر القوة المفرطة، ويخفي وراءه شعوراً عميقاً بالوهن، وعدم القدرة على ممارسة ما كانت تمارسه في طرفة عين، حينما كانت تقرّر الانخراط في الحرب وتكون قبضتها قد انهالت على خصومها قبل ان يجفّ حبر القرار.
هذا هو الوضع الحقيقي لأميركا وربيبتها “إسرائيل”، تهديد ووعيد بلا تنفيذ، وجعجعة بلا طحين، هي دول تضخمت قوّتها وتراكم جبروتها ثم بعد ذلك وصلت الذروة، وظنّت انّ الكون آل لها، وأنها قادرة على ان تفعل ما تشاء، ولم تدرك انّ أطرافاً أخرى بدأت في مراكمة القوة، وبدأت تقوم بردّ الفعل الستاتيكي على ذلك الجبروت وتطوير الذات والإمساك بزمام الأمور، وما ان استيقظت على المتغيّرات التي اجتاحت العالم، حتى أدركت انّ تلك اليقظة كانت متأخرة، وانّ السيف سبق العذل، فلم يعد أمامها سوى التظاهر بالقوة وممارسة عادة الـ Bluffing، ولست أدري ان كانت تدري او لا تدري انّ الموئل الأكثر حذقاً في حالة كهذه هو الذهاب بعيداً في منطق المواجهة إلى حيثية ما بعد الحافة، وساعتئذٍ فقط فإنها لن يكون لها مناص إلا التراجع والانكفاء، وهو ما حدث في مناسبات كثيرة.
خلاصة القول… نحن نمسك بتلابيب هذه القوة الطاغية، ونحن نمتلك زمام المبادهة… وعلينا ان نقوم بتدفيع هذه القوة الطاغية ومن لف لفيفها أثمان ما اقترفت أيديهم على مدى القرون الفائتة، فكما تدين تدان، ومن قتل بالسيف بالسيف يُقتل.