بمعيار القانون مَن يجب أن يُدان؟
– ستبقى المعادلة الذهبيّة لوزير الإعلام المستقيل جورج قرداحي عن الحرب العبثيّة خير اختصار للموقف العاطفي لكل لبناني وعربي تجاه الاستهداف المتبادل بين دولتي السعودية والإمارات من جهة واليمن من جهة موازية، خصوصاً أن كل خراب ودمار وإزهاق أرواح وضرب النشاط الاقتصاديّ سيتمّ على حساب جهة يشعر كل لبناني وكل عربي بالأسى على أي خسائر تصيبها، لكن الموقف بالمنطق والقانون والأخلاق معنيّ بالتمييز من ثلاث زوايا كي تستقيم الإدانة.
– الزاوية الأولى أن السعودية والإمارات قرّرتا الحرب على أنصار الله الذين كانوا قد نجحوا بالسيطرة على كامل اليمن، بقضيّة لا تتصل بشأن سعودي وإماراتي، بل انطلاقاً من رؤية غرور القوة والتطلع لممارسة الوصاية، على قاعدة استصغار اليمن وحقه بالسيادة وقدرته على الانفراد بتقرير مصيره. والذريعة كانت دعم شرعيّة منتهية الصلاحية وفاقدة أي وجود فعلي على أرض اليمن، وبأحسن الأحوال فتبني طرف في نزاع بوجه طرف آخر، يدخلك شريكاً في الغرم والغنم، وهو الحد الأدنى المترتب على هذا التدخل، بينما لم يظهر طوال سنوات الحرب أن اليمنيين يلجأون لاستهداف السعودية والإمارات إلا كرد دفاعيّ على عمليات عسكرية شديدة الأذى يشنها السعوديون والإماراتيون على اليمن.
– الزاوية الثانية أن السعودية والإمارات تخوضان الحرب منذ ثماني سنوات تحت شعار ربط الحرب بعناوين سياسية إقليمية ودولية، تتشاركها كل من واشنطن وتل أبيب معهما علناً، وعنوانها محاصرة وضرب قوى المقاومة، ولا يمكن فصل المواقف مما يجري في اليمن عمّا يجري حول التطبيع وفي فلسطين ومواقف الأطراف المتصارعة منها، ما يجعل من المستحيل فصل الموقف من الحرب عن هذه الخلفية. وهذا يعني انتفاء أية مصالح سعودية أو إمارايتة تستدعي التضامن معها في هذه الحرب. فهي حرب صفقة القرن والتطبيع وامن “اسرائيل”، أعجب هذا أصحابها ام لم يعجبهم، ولا يمكن لأي متضامن مع فلسطين ومناوئ للتطبيع أن يكون حيادياً تجاهها، كما أن الإسرائيلي ليس حيادياً، وكما ان أنصار الله ليسوا حياديين تجاه فلسطين والقدس، ومسار التطبيع ليس حياداً تجاه فلسطين وتصنيف المقاومة إرهاباً ليس حياداً.
– الزاوية الثالثة هي الزاوية الإنسانية، فلا يمكن مقارنة استهدافات اليمن المحدودة زماناً ومكاناً وأهدافاً، بالاستهدافات السعودية والإماراتية داخل اليمن والممتدّة زماناً ومكاناً وأهدافاً. فاليمنيون الذين أثبتوا قدرتهم التقنية على إصابة أية أهداف في البلدين لا زالوا رغم المرارة والآلام يقيمون الحسابات، ويختارون أهدافاً ذات مغزى عسكري او اقتصادي او استراتيجي، بعيداً عن الأماكن السكنية والأنشطة المدنية، فيما يسقط المدنيون اليمنيون بغارات السعودية والإمارات بالمئات والآلاف. لم يستهدف اليمنيون معارض تجارية وأبراجاً فندقية وسكنية، فاختاروا مرة مجمع آرامكو ومرة سفناً في موانئ ومرة باحات خارجية لمطار، أو أهدافاً عسكرية.
– لكل هذا وجبت إدانة العدوان السعودي الإماراتي على اليمن وترجمة الحرص على أمن البلدين بدعوتهما لوقف فوريّ لحربهما العبثية.