طبول الحرب الروسية ومحاولات أميركا لضبط «الشرق الأوسط»
} عمر عبد القادر غندور*
ينظر العالم بقلق الى التحركات الحدودية الضخمة بين روسيا وأوكرانيا، أو بالأحرى بين روسيا والغرب مع انعدام ايّ تقدّم ملموس في المفاوضات التي لم تتوقف يوماً، وتبدو روسيا ظاهرياً على الأقلّ، لا تأبه بالتهديدات والعقوبات التي يمكن ان تُفرض عليها، ولا تزال البرقيات الواردة تتحدث عن اقتراب غزو روسي لن يتأخر الى ما بعد شباط 2022.
ولا شكّ انّ الحرب التي يكثر الحديث عنها تشكل كابوساً أمنياً وإنسانياً واقتصادياً على روسيا وأوروبا وربما أبعد، في الوقت الذي يعاني العالم ركوداً اقتصادياً مدمّراً بسبب تداعيات كوفيد 19 ومتحوّلاته من دلتا إلى أوميكرون وغير ذلك.
ولعلّ من أخطر التداعيات الاقتصادية والتي لا يتحمّلها العالم هي في أسواق الطاقة والحبوب والغذاء والدواء وسندات الدولار وأسهم البورصة وغيرها من منصات المال والأعمال !!
وبحسب وكالة “رويترز”، فيمكن للحرب إذا ما اشتعلت ان تشمل قطاعات حيوية أبرزها النفط والغذاء! وكان التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته منذ عدة عقود الى جانب ارتفاعات محتملة في أسعار الفائدة حيث لا يزال هبوط الفائدة الأميركية تحوم بالقرب من 2% كما انّ الذهب الذي يُنظر اليه كمأوى في أوقات الصراع وصل إلى ذروة الأسعار منذ شهرين.
ولأننا في هذه العجالة بصدد توقع الحرب وتداعياتها نذكر انّ أوكرانيا من المتوقع ان تكون ثالث أكبر دولة مصدّرة للذرة في العامين 2021 و 2022 ورابع أكبر مصدّر للقمح وفقاً لبيانات المجلس الدولي للحبوب، فيما روسيا أكبر مصدّر للقمح في العالم. وتعتمد أوروبا على روسيا للحصول على حوالي 35% من الغاز الطبيعي ويأتي معظمه من خلال خطوط الأنابيب التي تعبر ببلاروسيا وبولندا الى ألمانيا ولم تتعاف من التوريدات بشكل كامل في العام الماضي عندما ازداد الاستهلاك مما ساعد الى رفع الأسعار الى مستويات قياسية.
وقال مسؤولون اميركيون انهم يبحثون عن مخزونات من الطاقة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا وداخل الولايات المتحدة التي تقول: إذا قرّرت روسيا عسكرة إمداداتها من الغاز الطبيعي او النفط الخام فلن يكون ذلك من دون عقاب.
وقال مسؤولون أوروبيون انّ المناوشات مع الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط علينا ان نعمل لسدّ الفجوة في إمدادات في الكرملين لخفض تدفق الغاز، وتنقل أوكرانيا النفط الروسي الى سلوفاكيا والمجر وجمهورية التشيك.
ولأنّ جغرافيا الشرق الأوسط الفريدة في تكوينها وممراتها ومياهها وثرواتها النفطية والغازية واحتضانها لاحتياط العالم من النفط والموجود في العراق، وتمثل نقطة وسط الكرة الأرضية، سارع الرئيس الأميركي جو بايدن الى تحديد موعد لاستقبال أمير قطر تميم بن حمد في واشنطن يوم 31 الحالي للبحث في استقرار إمدادات الطاقة العالمية.
ولا نستبعد ان يكون ضرب مطار أبو ظبي والمنشآت النفطية في هذا الوقت جاء من رؤية يمنية يجب الاشتغال عليها الى جانب محادثات فيينا حول الملف النووي الإيراني والاتصالات السعودية الإيرانية، بما يفيد بأنّ لكلّ فريق في الشرق الأوسط رؤيته وأوراقه.