«العربيّة» وشباب من طرابلس إلى داعش العراق
على طريقة الفيلم الهوليوديّ المسروق الذي تمّ عرضه في مؤتمر صحافي للناطق بلسان قوات التحالف الذي تقوده السعودية في الحرب على اليمن، وهو يستخدم مقطعاً من فيلم تجاريّ بصفته مصدراً استخبارياً من صفوف أنصار الله زوّده بصور لمستودع الصواريخ، قبل أن يعتذر ويتبيّن أن مصدره القسم الإبداعيّ في قناة «العربية»، قامت القناة بتحليل استخباريّ لظاهرة شباب لبنانيين من طرابلس يلتحقون بتنظيم داعش ويُقتلون في العراق.
جاءت القناة بالخبراء الاستخباريّين وأغلبهم لبنانيون، وبعضهم من طرابلس، وإذ الخلاصة هي أن حزب الله يقوم بتنظيم هؤلاء ونقلهم إلى العراق ليقتلوا عناصر الحشد الشعبيّ الذي يقولون إن شباب حزب الله يقاتلون في صفوفه وإنه مدعوم من حزب الله. عبقريّة أمنيّة لا يستطيع المخرج الهوليوديّ الفرد هتشكوك إنتاج مثلها.
التفسير لدى الخبراء يستند إلى أن الانتقال من لبنان الى العراق مستحيل من دون التسهيلات التي يملكها حزب الله داخل سورية، وطبعاً عدا تفاهة وسخافة التحليل، لكن المشكلة التي تواجه هؤلاء هي أن قنوات تلفزيونية لبنانيّة عرضت تحقيقات عن الموضوع وخرج فيها بعض أهالي الشبان الذي قتلوا في العراق والذين لا زالوا عالقين هناك، وهم يعرفون الظروف التي تمّ تجنيد أولادهم عبرها، ومَن قام بتجنيدهم، وأسماء أئمة المساجد الذين يتولّون ذلك، والطرق التي يسلكها أبناؤهم مع محترفين يتولون عمليات النقل في تنظيم داعش، وتوجّهوا باللوم لقيادات الشمال السياسية والأمنية لغيابها عن هذا الملف الخطير.
عدا السخافة والتفاهة واستغباء المشاهد، تتجاهل قناة «العربيّة» تقاريرها التي تتحدث عن تنظيم داعش وامتلاكه شبكات نقل بين العراق والسعودية حيث ضرب مراراً دون أن توجّه الاتهام للمخابرات السعودية بتسهيل عملية الانتقال لأنه يستحيل ان يعبر هذه الإجراءات الأمنية المشدّدة من لا يملك تسهيلات من المخابرات، كما قالت عن سورية.
تقارير قناة «العربية» حول هذه الظاهرة أخطر من مجرد السعي لتشويه صورة حزب الله وشيطنته، لأن هذا لا يمرّ حتى على الغبي والمغفل. الخطورة تكمن بكون التقارير تكشف أن القيمين على القناة ومَن يقفون خلفها لا يريدون لهذه الظاهرة أن تتوقف، وهذا ما يفسّر التعمية والتجاهل.