مصير الضمانات الأمنية بين موسكو وواشنطن
} رنا جهاد العفيف
تطور المشهد بعد ردّي موسكو وواشنطن على الناتو يثير قلق الكثير من المراقبين والمحللين بالشؤون الدولية والإقليمية، ضمن التصريحات التي أدلت بها روسيا، فيما تقول موسكو أنّهما لم يراعيا قلق روسيا، وضمانات غير مضمونة بشأن عدم توسع حلف الناتو باتجاه حدودها، كما ردّ واشنطن والتي حرصت على أن يبقى سرياً، لم تكشف عنه موسكو، كيف نقرأ الموقف الروسي من ردّ الناتو وواشنطن؟
عدم الرضا الذي عكسته مواقف المسؤول الروسي يشير إلى ما يمكن الردّ عليه في مسألة نشر الأسلحة الهجومية التي تهدد الأراضي الروسية، وفق وزير الخارجية سيرغي لافروف عندما قال «إنّ ردّ الولايات المتحدة الأميركية، على مطالب موسكو الأمنية بشأن أوكرانيا لم يعالج المخاوف الرئيسية من احتمال انضمام أوكرانيا إلى الناتو، لكن من الممكن مواصلة المحادثات حول هذه القضية، فيما لم يكن هناك ردّ إيجابي على السؤال الرئيسي، بل كانت هناك إجابة تبعث الأمل فيء بد محادثة جادة حول الأسئلة الثانوية.
وهذا يعتبر أنّ اوكرانيا أخذت بعين الاعتبار كملف ساخن ضمن وثائق أمنية قد تكون بموضوع الحسبان، وذلك من خلال قرار الرئيس فلاديمير بوتين بدعوات برلمانية روسية لتسليح لوكانس، فترقب المشهد وما يحمله من تطورات في ظلّ التوتر الكبير للجانبين قد يشعل المنطقة برمّتها بفتيل الحريق السياسي المصحوب عسكرياً، فأول الغيث قطرة بحادثة مقتل أحد عناصر القوات الموالية لروسيا مثلاً، هي حادثة ربما صغيرة ولكن مفعولها كبير لدى الموقف الروسي بالرغم من أن ليس لدى أي طرف رغبة في الذهاب نحو انحدار التصعيد، ولكن هل سيبقى الامر مضبوطاً بهذا الشكل وماذا عن الردّ الرسمي لواشنطن تجاه الضمانات الروسية.
الغرب عامة وواشنطن خاصة لا يثق أحد بهم، خاصة في ظلّ الاتفاقيات التي تملصت منها مع إيران على سبيل المثال، فكيف لروسيا أن تثق بالغرب الذي لا يحترم الاتفاقيات ولا حتى الضمانات، لذا ربما سيكون هناك مساومة على أكثر من اتجاه، منها الغاز، أو العلاقات الروسية الصينية وقد تكون العلاقات الروسية السورية منها من يدري، هذا إذا ما ذهبوا بالمساومة نحو التقارب الأوروبي بما انّ لديها واشنطن مشكلة معها، وكذا المشكلة الأساسية بانضمام أوكرانيا للناتو وهذا ما تعترض روسيا عليه، وبالتالي هناك جملة تعقيدات تطال قضايا عديدة منها شائكة تباينا في الموقف الأوروبي (المانيا)، والذي يتناقض مع الموقف الأميركي أيضاً في التعامل مع روسيا، إذ أقيل ضابط ألماني لأنه قال روسيا تريد الاحترام وعلينا أن نتفهّم المصالح الروسية، فتمّت إقالته عسكرياً، وهذا يعني أنّ هناك إيحاء مبالغ به للحيلولة دون التقارب الصيني الروسي، لإبقاء روسيا خارج إطار الملعب الأوروبي، وطبعا لتتحكم واشنطن بسياسة الغرب .
كلّ هذه المخاوف كانت واضحة، إلا الردّ الخطي السري الذي جاء لروسيا، والتي حرصت الولايات المتحدة على ان يبقى سراً، لتبقى الشيفرة معلقة بين فكي كماشة المساومة، والتقارب التي تتعاظم بضمانات أوكرانيا في ظلّ السماح ببعض التنازلات او التوسع، دون الدعم العسكري، أي واشنطن الجميع يعلم أنها تتحدث وتتوعّد بوعود فارغة، لتعطي صورة السلطنة السياسية ولكن دون جدوى، بمعنى آخر فقاعة سياسية فارغة، وروسيا تتفهّم عقدة النقص لدى واشنطن، لذا لا يمكن أن تسمح لها بأن تكون اوكرانيا ضحية حرب مقبلة معها، كما وتعلم كمية الضغط التي تمارسه واشنطن عليها، هو بمثابة إرهاق سياسي يصب في سوريا ولبنان وأماكن اخرى،
وبالتالي رغم كلّ هذه السرية المحاطة بالتعتيم الاعلامي، إلا أنّ المتوقع أنّ الردّ الأمريكي لم يؤخذ بعين الاعتبار، حتى ولو تعرّضت المصالح الروسية للخطر، والبنود العشرة التي أقدمت عليها روسيا كضمانات أمنية لوقف تمدّد حلف الناتو شرقاً بوثيقتين دوليتين خير دليل على ما ورد.
روسيا ستكسب التصعيد وستخرج بحلّ تسوية لأسباب عدة تتعلق بتفاهم أمن المنطقة، ليس فقط من أجل أوكرانيا .