أخيرة

كارثة

مشهد مثير للشفقة ومثير لقدر عظيم من الأسى يجعل الواحد منا في حالة من الذهول وعدم التصديق، نفط سورية وأحد ثرواتها القومية ينهب عينك عينك وبطلب علني من رئيس أميركا السابق البلطجي ترامب، والعالم يتفرّج على عملية سطوٍ مسلح على ثروة بلدٍ عضو في منصّته الدولية، والكلّ صامت صمت الشياطين وبكم الموتورين.

نفط ليبيا يُسرق، وهو في واقع الأمر الشيء الوحيد الذي يجد طريقه الى الممارسة العادية فيما البلد برمّته سقط في فوضى عارمة وتناحر مميت وفشل قلّ مثيله، والأدهى أنه لا يوجد في الأفق ما يؤشر الى نهاية قريبة لهذه الدوامة التي صنعها الأعراب والأغراب. الشيء الوحيد الذي يسير بلا معوّقات وبسلاسةٍ وانتظام هو سرقة النفط وتحويله غرباً وشمالاً…

نفط الخليج يُنهب وتتقاسمه كارتيلات النفط الغربي وعائلات محليّة موضوعة قسراً وبإرادة استعمارية تنال نصيبها من المغنمة، ولأنّ المردود المالي هائل وعظيم إلى أقصى الحدود فإنّ الفتات الذي يوزّع على شعوب الخليج يبدو عظيماً ويجعل الناس في حالة ميسورة، ولكنه يبقى إذا ما قيس بالمردود الكلّي فتاتاً، أكبر عملية سطوٍ في التاريخ على مدى عقود لن يستشرف أهل الخليج والجزيرة العربية هول وفداحة الذي حدث إلّا بعد أجيال.

بلاد كالسودان هي مشروع كنز زراعي كفيل بإطعام الأمة برمّتها ويزيد، لكنها بسبب من سوء الإدارة وجبروت العسكر وارتهانه وتبعيته تخرج الجماهير جائعة الى الشوارع طلباً لرغيف خبز عزّ عليهم الحصول عليه…

أينما وجّه الواحد منا أنظاره، شمالاً أو جنوباً، شرقاً أو غرباً، لن يشهد إلا خراباً وارتهاناً وسوء إدارة وتدخل خارجي ورجال وضعوا أو أوضعوا في مكان ليس لهم، فعاثوا في الأرض فساداً وضجّت السماء من هول ممارساتهم ومن إغراقهم في ملذاتهم ومن سوء أفعالهم، والأمة تموت في اليوم مئة مرة، مشهد مروّع لا منجاة منه إلا ثورات عارمة بقيادات تضع أرواحها على أكفّها ويكون ديدنها مرضاة من عند الله، وانسلاخ عن رغبات وأهواء الذات، ولنا في ثورة الخميني العظيم مثال يُحتذى، ولسنا مغرقين كثيراً في الطلب والخيال، فالمثال شاهد أمامنا منذ ثلاثة وأربعين عاماً…

سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى