مرحلة مفصلية
الصراع التفاوضي في ڤيينا يدور في هذه المنطقة، منطقة الفائدة الاقتصادية التي ستجنيها إيران من العودة الى الالتزام ببنود الاتفاقية، فالمنطق يقول، إذا كانت الفائدة الاقتصادية التي ستترتب على ذلك لمصلحة إيران متواضعة، فما الداعي للعودة الى الاتفاقية، لذلك فإننا إذا تمكّنّا من الإفادة بقدرٍ محدّدٍ مسبقاً من هذه الاتفاقية بحيث تصير العودة إليها مجزية من الناحية النفعية، عندئذٍ تصبح العودة أمراً ممكناً، أميركا تحاول ان تجعل المنفعة الإيرانية في أضيق حدّ ممكن، بينما تحاول إيران ان تجعل المنفعة في أعلى حالاتها…
لن تتمكن أميركا من تصفير المنفعة، ولن تتمكن إيران من الحصول على 100% من المنفعة، سيتمّ الاتفاق في منطقة في المنتصف، يقتنع معها جميع الأطراف أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان، حينئذ سيتمّ التوقيع على الاتفاق.
نحن أمام مرحلة جديدة، انتصار لمحور المقاومة بإيقاع وئيد، وانكسار للمحور المقابل على إيقاع وئيد أيضاً، ليس هنالك ضربة قاضية فنية، هنالك انتصار بالنقاط، ولكن المشهد العام يشي بمقاربة أخرى لا تماثل بحال ذلك المشهد خلال القرن الفائت، والذي كانت أميركا فيه تقول للشيء كن فيكون، القبضة بدأت بالتراخي… وقوىً صاعدة أخرى بدأت تتفلّت من الهيمنة الأميركية، قوىً ستربح كثيراً، وقوىً أخرى ستربح قليلاً، وقوىً ستخسر الكثير، ولكن التراجيديا ستلحق بالمطلق بتلك الكيانات التي آلت على نفسها إلا ان تكون بلا إرادة، تميل حيث يُراد لها ان تميل، سيتحلل سيدها منها بلا تردّد وهو يحاول ان يبقى متماسكاً فلا يسقط، سيبدأ في التخفّف من أعبائه على أساس مبدأ تقليص الخسائر، وستدفع كيانات اصطنعت لزوم المرحلة ثمن التبعية المطلقة وثمن الارتهان بلا حدود، ولنراقب المشهد حثيثاً في الشرق الاوسط وأوروبا.