برّي: بعض العرب يحاصر لبنان ولست متفائلاً بترسيم الحدود البحريّة
اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي، أن «لبنان لا يستمرّ إلاّ بالاعتدال وبالوحدة، وحتى في مقاومتنا لإسرائيل، لولا الوحدة اللبنانية لما نجحت، فأفضل أساليب المقاومة ضد أي عدو وإسرائيل خصوصاً هي الوحدة الداخلية».
ورأى برّي في مقابلة مع صحيفة «الأهرام» المصرية على هامش مشاركته في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي الذي عُقد في القاهرة «أن الذي يحدث في لبنان عبارة عن «كورونا سياسية» وأدى إلى شيء لم يكن أحد ينتظره على الإطلاق، فلبنان الذي كان يُدعى سويسرا الشرق والذي يحب كل العرب ويحبه كل العرب، حتى الآن ليس مفلساً وهو غني بأصوله وموارده عنده بحر مليء بالغاز ولدينا اغتراب لبناني كبير جداً، لكن لا توجد لديه سيولة، والسبب في عدم وجود سيولة وتأزّم الوضع الاقتصادي هو الانعدام السياسي وليس الفقر السياسي، فهو السبب في ما وصلنا إليه، لكن ماذا في المستقبل القريب؟ هناك انتخابات نيابية في أيار المقبل، ثم انتخابات رئاسية بعدها في تشرين الأول من هذا العام، وبالتالي لا بدّ أن يكون هناك تغيير في المنهجية، وفي هذه الأثناء، على الحكومة اللبنانية أن تكون قد أكملت مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي وتتحسّن الأحوال، كما حدث في مصر واليونان والأرجنتين، فكلٌ من هذه الدول مرّت بهذه الفترة، وحتى الآن المفاوضات بين الحكومة والصندوق ناجحة جداً».
وأشار إلى أن لا أحد يستطيع أن يمنع إجراء الانتخابات «فحتى الآن كل تشعّبات الشجرة اللبنانية لم أجد غصناً واحداً فيها يوحي بـ»لا»، على الإطلاق، هذا أمر، والثاني: أن معلوماتي من الرؤساء والوزراء والسفراء الذين يزورونني من كل أنحاء العالم في خارج لبنان أو داخل العالم العربي، كلهم بإجماع مع إجراء الانتخابات في موعدها».
وعن المبادرة الكويتية والعربية قال «من جملة الأمور التي ذكرتها أن لبنان قدّم جوابه لوزير الخارجية الكويتية وفي جزء كبير منه لبّى الطلب وفي جزء آخر طلب الحوار، ثم إن الخلاف في المبادرة يدور حول القرارين 1559 و1701، دعنا نناقش هنا الأمر: فالقرار 1559 صدر عام 2004، ويقضي بإخراج القوات الأجنبية كافة من الأراضي اللبنانية، فخرجت القوات السورية ولم يخرج الاحتلال الإسرائيلي، فلماذا لا يطالبون أيضاً بخروجه، وبعده في 2006 صدر القرار 1701، حيث نصّ بصراحة كلية على تطبيق القرار وانسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وغيرها، وكل اللبنانيين رضوا ولا يزالون راضين عن القرار، فلماذا يصمتون أو يسكتون عن الموقف الإسرائيلي؟ وأقول لك أكثر من ذلك: فأنت إذا تأمّلت الوضع الآن في لبنان تجد حصاراً عربياً عليه، وهذا الحصار لا يعني كل العرب، فالاستثناء من ذلك يقع أول ما يقع على مصر، هل تعلم أنني قبل أن أحضر إلى هنا، وصل إلى لبنان من مصر 487 طنّاً مساعدات، منها 265 طنّاً أدوية، ووصلت بحراً لضخامة المساعدات التي تحتاج نحو 37 طائرة لشحنها، هذا الجسر من المساعدات بدأته مصر منذ 4 آب تاريخ انفجار مرفأ بيروت ولم تتوقف، هذه المساعدات، بينما بقية العرب إمّا لا يستطيعون وإمّا لا يريدون، لماذا هذا الحصار؟».
وأضاف «في عام 1975، خاض لبنان حرباً أهلية مؤلمة، خسرنا فيها نحو 150 ألف شهيد، لماذا حدث ذلك؟ حدث حتى نقول إنّ هوية لبنان عربية، وإنّ لبنان له انتماء عربي، هل يُعقل الآن أن نجد دعوة مفتوحة نحو إسرائيل، وحصاراً على لبنان؟ هذا لُبّ التضامن العربي، ومن المفروض أن تتجاوز الدبلوماسية البرلمانية ضرورات الحكّام، ففي أحيان كثيرة يكون الحاكم له ضرورات أنت ملزم كمواطن أن تتفهّمها، لكن الدبلوماسية البرلمانية ليست مثل دبلوماسية حقيبة وزارة الخارجية، فهل سياسة الخارجية الأميركية هي نفسها سياسة الكونغرس؟ وهل سياسة الكنيست الإسرائيلي هي نفسها سياسة رئيس الوزراء؟ لماذا لا نتذرّع على الأقلّ في مجالسنا النيابية لنقول لا أو نعم؟».
وعن ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان والعدو الصهيوني، قال رئيس مجلس النواب «منذ نحو 11 عاماً تمّ تكليفي بملف المفاوضات وقمت بالتفاوض مع الأمم المتحدة ومع الأميركان حول المفاوضات شكلاً وأساساً مع إسرائيل، وكان سبق ذلك في زمن الشهيد رفيق الحريري قد توصلنا إلى تفاهم اسمه تفاهم 1996، في منطقة الناقورة اللبنانية، وتحت علم الأمم المتحدة بوجود ضابط إسرائيلي وضابط لبناني وضابط من قوات يونيفيل يترأس الاجتماع، وأن يكون هذا الشكل في ترسيم الحدود البحرية كما تم في الحدود البرّيّة، ولم أتحدث عن نقاط، وكنت أقول دائماً للمفاوضين، خصوصاً الأميركان، إنني لا أريد من المياه الفلسطينية مقدار الكوب الذي أمامك، ولست مستعداً أن أُعطي هذا الكوب، أنا أريد رسم الحدود، فإذا كانت حصتي كيلومتراً فأنا مقتنع، وإذا كانت ألفين فلن أتنازل عن سنتيمتر منها».
وتابع «بعد عشر سنوات وتغيّر خمسة مندوبين أميركيين استطعنا أن نصل إلى اتفاق تفاهم تمّ الإعلان عنه، من واشنطن ومنّي في بيروت ومن إسرائيل، في الوقت نفسه تمّ اتفاق الإطار، وقلت إنّ دوري انتهى، وسلّمت هذا الأمر إلى الجيش وإلى السلطة التنفيذية، وفي أول اجتماع تمّ الاتفاق كما رسمنا أنه على الجميع ومن دون استثناء أن يعرف أنّ هذا الاتفاق جزء لا يتجزأ من التفاهم، وبعد ذلك صارت هناك مطالبات لبنانية والحديث عن نقاط بدلاً من البدء بالرسم، وحدث تضارب ما بين خط 29 أو 23 أو خطّ هوف، وما إلى ذلك، وأنا في كلّ ذلك متمسّك بموقفي، لا أتحدّث عن خطوط بل حدود، هذا الذي حدث وتسبّب في التأخّر، لكن منذ أيام جاء المبعوث الأميركي وكنت آخر من يزورهم، وسمع مني الكلام نفسه الذي أقوله منذ عشر سنوات، لكنني لاحظت تغيّراً وهو وجود تفاؤل كبير من جانبه، وتبيّن بعد ذلك أنه في زيارته لرئيس الجمهورية قال للمبعوث إنّ مطالبتنا بالخط 29 كان في مرحلة التفاوض، لكني الآن أريد الطريق الذي سلكه الرئيس برّي وهو التمسّك بالحدود، وأعتقد أنّ باب التفاهم مفتوح، لكنني لست متفائلاً لأنني أعرف نيّات إسرائيل التوسعية والعدوانية».
وعمّا إذا كان يعتقد أننا في المرحلة الثانية من «سايكس – بيكو» جديد لتقسيم المنطقة، أجاب برّي «هذا هو أخطر الأسئلة، إذا بقي الوضع على ما هو عليه، فإن الحلول في المنطقة سيدفع ثمنها العرب أو بعض العرب، وبكل صراحة الآن توجد إمبراطوريات عدّة في المنطقة ومنها الإمبراطورية الإسرائيلية، مع الأسف الشديد».