أخيرة

ديموقراطية أونطة

ما فائدة أن يُعطى الإنسان الحرية المطلقة في الاختيار إذا كان بإمكان نسيجٍ معيّن في أيّ مجتمع او كارتل ما أو كتلة اقتصادية مهيمنة السيطرة على وسائل الإشعاع والتأثير والعبث في كيمياء العقول والتعابث بالمزاج العام للناس بحيث يسوقونهم كالنعاج في نهاية المطاف للإدلاء بخياراتهم بحرية “مطلقة”، بعد أن مارسوا بالمال وبهيمنته صياغة المزاج العام والذات الموضوعية للإنسان، ويكون الذي حدث في واقع الحال هو عملية تزييف غير مباشرة ليس على القصيصة من الورق والتي يكتب عليها المقترع خياراته، ولكن قبل ذلك بكثير من خلال تزييف الحقيقة بالإلحاح الإعلامي، وتحييد الرأي الآخر، ومن ثم إعادة صياغة القيم والتفرّد المطلق بالغلاف الجوي والتحكّم بما قد يجد طريقه الى الدماغ وما لا يجد طريقه إليه، ويكفي أن نذهب الى نتائج هذه الجريمة الفكرية حتى ندرك بالتداعي ماهية الذي حدث قبل ارتكاب الجريمة، ان الغرب يقمع المقدرة على استشراف الحقيقة من خلال غربلة ما يتدفق من المعلومات والآراء بحيث لا يصيب العقل الغربي إلّا ما يشاء ذلك المستحوذ على عناصر القوة وعلى رأسها رأس المال، وفقط للحقيقة وللمعلومة فإنّ 5 شخصيات اعتبارية في الولايات المتحدة الأميركية تستحوذ على 95% من وسائل الإعلام، وللمفارقة فإنّ الـ 5 شخصيات الاعتبارية هي من اليهود، ودليل على مدى الضرر الذي يحدثه مثل هذا النهج، انك في أميركا على سبيل المثال إذا قمت باستقصاء لمعرفة المزاج العام، سيفاجئك الكمّ المذهل من قتل الحقيقة الذي مارسه هذا النظام بحق هذه الكتل الإنسانية القاطنة في مساحة هذه الأمة، ستجد أنّ من يقاتل في سبيل حريته وفي سبيل رفع الظلم عن ذاته هو إرهابي، بينما من يرتكب كلّ أشكال الظلم والتجبّر والقتل والتجويع والحصار ضدّ هذا الإنسان هو إنسان فاضل يمارس حقاً مشروعاً في الدفاع عن الذات، ستجد الفلسطيني الذي محق ظلماً وعنتاً واستضعافاً هو الإرهابي، بينما الغاصب السارق القاتل المجرم هو الضحية مثال للتمثيل لا الحصر، يستطيعون ان يجعلوا من دراكولا قديساً، ومن يوحنا المعمدان فرانكنشتاين، ثم يقولون للناس إذهبوا إلى صناديق الاقتراع ومارسوا حقكم في الاختيار، ديموقراطية أونطة…!

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى