لماذا الآن يُستهدف الأردن والملك عبدالله الثاني…؟
} هشام الهبيشان
من تابع مؤخراً حجم الاستهداف المباشر والتشويه والتضليل الإعلامي الصادر عن وسائل إعلام وصحف غربية وأميركية محسوبة على الثلاثي ترامب وكوشنر ونتنياهو، بما يخصّ ما يسمّى بتسريبات «وثائق باندورا ـ بنك كريدي سويس وغيرها»، والذي يستهدف الأردن والملك عبدالله الثاني، سيدرك حتماً أنّ الملك بشخصه ومواقفه اتجاه القضية الفلسطينية بات هدفاً لوسائل إعلام محسوبة على رئيس الإدارة الأميركية السابق ترامب وكوشنر ونتنياهو، وسيدرك حقيقة أنّ جاريد كوشنر كبير مستشاري رئيس الولايات المتحدة الأميركية سابقاً، وبنيامين نتنياهو رئيس وزراء الصهيوني السابق، ما زالا يستهدفان الملك ونهجه ومواقفه اتجاه القضية الفلسطينية، وسياسة الأردن الرسمي الاقليمية والدولية، فالملك عبدالله الثاني وأثناء فترة رئاسة ترامب ونتنياهو، كان قد ذهب «مرحلياً وتكتيكياً وليس «استراتيجياً» نحو مجموعة خيارات بهدف تنويع علاقاته الاقليمية والعربية والدولية، في الوقت الذي كانت علاقة الأردن الرسمي مع بعض جيرانه في الخليج العربي تشهد فتوراً ملحوظاً وبكافة صعدها، وهذا الفتور ينسحب كذلك على علاقة الأردن الرسمي مع الكيان الصهيوني وبعض ساسة وجنرالات واشنطن حينها، بعد شعور الأردن الرسمي بأنّ هناك مشروعاً ما يستهدف المنطقة بمجموعها وعلى رأسها القضية الفلسطينية وتصفيتها على حساب الأردن ونظامه السياسي، ومن أجل تنفيذ هذا المشروع قام المعسكر الذي يُعتبر حليفاً للأردن الرسمي، بممارسة جملة ضغوط على الأردن ونظامه السياسي من أجل دفعه للقبول بهذا المشروع «صفقة القرن»، وهذا ما عجّل بدوره من جعل الأردن الرسمي يذهب ومن باب المناكفة والمناورة حينها، نحو إعادة تنويع علاقاته الإقليمية والعربية والدولية، لتجنيبه على الأقلّ أيّ تداعيات ستفرض عليه في سياق ما يُسمّى بـ «صفقة القرن «.
وهنا وليس بعيداً عن قرار الأردن الرسمي حينها تنويع علاقاته الإقليمية والعربية والدولية وبما يخص بالتحديد الملف السوري، فـ من ينظر إلى أبعاد وخلفيات وما بعد ملف فتح معبر جابر ـ نصيب، بعد تعثر فتحه لعدة مرات بسبب تعقيدات كان يفرضها الصهيوني والأميركي وبعض حلفائهم العرب والإقليميين على الأردن الرسمي، سيدرك حقيقة أنّ دوائر صنع قرار الأردن الرسمي «بجزئها المحافظ « وكما تحدثت الكثير من التقارير والتحليلات كانت تقرأ بعناية تفاصيل وتداعيات ونتائج ومتغيّرات بدأت تجري إقليمياً وعالمياً، فهذه المتغيّرات كانت تأخذ المساحة الكبرى من المناقشات والتحليلات لنتائجها على الصعيدين السياسي والعسكري الداخلي الأردني، والواضح أكثر أنّ دوائر صنع قرار الأردن الرسمي «بجزئها المحافظ» قد قرّرت الذهاب «تكتيكياً ومرحلياً» نحو تفعيل مجموعة خيارات جديدة لها في الإقليم وفي العالم بمجموعه تتيح لها هامش مناورة جديد مع الكيان الصهيوني وبعض قوى الإقليم، وهذا بالطبع ينسحب على واشنطن «ترامب حينها»، وفي ذروة التصعيد من قبل إدارة ترامب حينها ضدّ الأردن وموقفه من القضية الفلسطينية، كنا نرى أنّ الأردن الرسمي حاول تشكيل معالم تقارب مع الروس من خلال البوابة السورية، ونجح في التواصل مع السوريين عبر خطوط اتصالات عسكرية وسياسية واقتصادية وشعبية للعمل على إنجاز تسوية شاملة لملف العلاقات الأردنية ـ السورية وعلى كافة صعدها، وهذا الأمر ينسحب على العلاقات مع إيران من خلال البوابة العراقية واللبنانية، ومع تركيا من خلال البوابة الفلسطينية، فدوائر صنع قرار الأردن الرسمي «بجزئها المحافظ» كانت تسعى لاستباق أيّ متغيّرات عربية وإقليمية ودولية، ولهذا سعت لإنجاز مسار من التسوية مع الدولة السورية وتفعيل شامل للعلاقات معها وهذا ينسحب كذلك على علاقات الأردني مع الروسي والتركي والإيراني وبعض الأوروبيين.
وبالتزامن حينها مع جملة ضغوط على الأردن الرسمي والأردن الشعبي، يمكن القول إنّ الأردن الرسمي قد استثمر فعلياً بهذا الضغط لأخذ قرار»تكتيكي» لتنويع علاقاته الإقليمية والعربية والدولية وسط علاقات غير مستقرة بين الأردن الرسمي والكيان الصهيوني وإدارة ترامب، وأسباب عدم الاستقرار في العلاقات يعود بالأصل لمحاولة قادة الكيان الصهيوني وإدارة ترامب وبعض حلفائهم بالمنطقة العربية تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن واستمرار تحجيم التأثير الأردني على القضية الفلسطينية، من خلال تحجيم دور الأردن الرسمي بخصوص ملف رعاية الأماكن المُقدّسة في القدس المُحتلّة، وقيام قادة الكيان الصهيوني وعلى رأسهم نتنياهو حينها وبشكل مستمر بالسماح للمستوطنين الصهاينة باقتحام الأقصى عدّة مرّات، وهذا يُعتبر من وجهة نظر الأردن الرسمي والشعبي خطوة استفزازية.
واليوم، وبعد ان نجح الأردن الرسمي والشعبي، على الأقلّ بتجميد ملف «صفقة القرن»، وعدم نجاح ترامب وكوشنر ونتنياهو ومن معهم «مرحلياً»، بتحقيق ما كانوا يصبون اليه بخصوص ملف «صفقة القرن»، وبعد إزاحة هذا الثلاثي «مرحلياً» من المشهد السياسي، كان متوقعاً أن يكون هذا الردّ الذي يستهدف الأردن عامة والملك عبدالله الثاني خاصة من قبل هذا المحور الذي يتحدث علناً انّ الأردن ومواقفه من «صفقة القرن»، كان سبباً رئيساً بإفشال وتجميد ملف الصفقة، واليوم نرى أنّ هناك حملة إعلامية واسعة ومضللة من قبل وسائل إعلام محسوبة على رئيس الإدارة الأميركية السابق ترامب وكوشنر ونتنياهو تستهدف ضرب ثقة الشعب الأردني بقيادته السياسية، وهنا يجب التنويه أنّ الثلاثي ترامب وكوشنر ونتنياهو، لا تزال لديهم أدواتهم وعلى كافة الأصعدة والقادرة على استهداف الأردن»، وهنا من المؤكد أنّ الأردن ستمارَس عليه جملة ضغوطات إعلامية ـ اقتصادية ـ سياسية وربما «أمنية»، وسنرى جملة ضغوط من واشنطن على الأردن، ولهذا نحن مقبلون على تطورات وجملة ضغوط على الأردن، سيتمّ تنفيذها بأدوات «داخلية» مرتبطة بأجندة خارجية، للحدّ من قدرة الأردن الرسمي على المناورة بما يخص رفضه لصفقة القرن «مستقبلاً»، وقرار تنويع علاقاته الإقليمية والعربية والدولية.
ختاماً، يستحق الأردن اليوم أن نعترف أنّ الدولة الأردنية بكلّ مكوناتها، قد باتت مستهدفة أكثر من أيّ وقت مضى، فهي اليوم موجودة ضمن واقع خطير جداً وبحجم استهدافات لا يمكن أن يسكت عنها، ولا يمكن لأيّ حر وشريف أن يسكت عنها، لأنّ السكوت عنها بهذه المرحلة، هو خطيئة وجريمة كبرى لا تغتفر بحقّ الأردن وشبابه ومجتمعه وأرضه ومستقبله، ويجب توضيح الحقائق، سواء كنا مع أو ضدّ توجهات نظامنا السياسي، يجب علينا في هذه المرحلة الاصطفاف بخندق واحد لمواجهة هذه الحملة الشرسة التي تستهدف الأردن وضرب استقراره وسلمه الداخلي، فالحملة لا تستهدف الملك عبدالله الثاني لوحده، بل تستهدف الأردن بكلّ مكوناته، وهنا من المتوقع ان نرى عودة قريبة للثلاثي ترامب وكوشنر ونتنياهو، للمشهد السياسي الأميركي والصهيوني والعالمي، وعلينا الاستعداد جيداً لهذه العودة، عبر تمتين الجبهة الداخلية، وزيادة وتوسيع حجم العلاقات والتحالفات مع القوى العالمية والإقليمية والعربية، للقدرة مجدداً على المناورة مع مشروع خبيث وحاقد يحمله الثلاثي ترامب وكوشنر ونتنياهو، وجزء كبير من تفاصيله تستهدف الأردن بكلّ مكوناته…