بيان الخارجية يتفاعل: انقسام حكومي وموسكو مندهشة ودعوات للنأي بالنفس والاعتذار من روسيا
تفاعلت قضية البيان الذي أصدره وزير الخارية والمغتربين عبد الله بوحبيب بشأن الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث برز انقسام حكومي حياله فيما عبّرت موسكو عن دهشتها لموقف بوحبيب.
وفي هذا السياق، أصدرت سفارة روسيا في بيروت بياناً جاء فيه «في 24 شباط أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية بياناً أدانت فيه ما وصفته «اجتياح الأراضي الأوكرانية» ودعت روسيا إلى «وقف العمليات العسكرية فوراً وسحب قواتها والعودة إلى منطق الحوار والتفاوض كوسيلة أمثل لحلّ النزاع».
أضافت «لقد أثار بيان الخارجية اللبنانية الدهشة لدينا لمخالفتها سياسة النأي بالنفس واتخاذها طرفاً ضدّ طرف آخر في هذه الأحداث، علماً بأن روسيا لم توفّر جهداً في المساهمة بنهوض واستقرار الجمهورية اللبنانية، وفي هذا الصدد نُعلن أن أساس سياسة روسيا ليست سياسة التعدّي على المصالح الأوكرانية، بل حفظاً للأمن القومي الروسي بفعل التهديدات التي شكّلتها حكومة كييف، بعد تنصلها من تنفيذ العديد من الاتفاقيات ولاسيما اتفاقات مينسك. إضافةً إلى أن روسيا لم تشنّ حرباً، بل هي عملية خاصة تهدف إلى حماية مواطني روسيا وبناءً على طلب جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، بعد اعتراف روسيا باستقلالهما».
وأكدت أن «روسيا تسعي دوماً لإرساء السلام وتعزيز الأمن ومحاربة كل الأشكال العدائية، وأن يكون لكل دولة الحق في حماية أمنها القومي بما في ذلك حماية مواطنيها».
من جهته، استقبل وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب سفيري فرنسا وألمانيا آن غريو وأندرياس كيندل اللذين شكرا لبنان على البيان عن الأزمة الأوكرانية – الروسية، وتمنيا «استمرار لبنان على موقفه هذا»، وطلبا «مشاركة لبنان في تبنّي القرار المقدّم أمام مجلس الأمن عن الأزمة والتصويت عليه في الجمعية العامة لاحقاً».
وأبلغ بو حبيب السفيرين الفرنسي والألماني «أن موقف لبنان ثابت ونابع من حرصه على التزام مبادئ الشرعية الدولية والقانون الدولي، التي تشكل الضمانة الأساسية لحماية السلم والانتظام الدوليين وسلامة أراضي الدول الصغيرة، خصوصاً أن لبنان عانى الأمرّين من الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته المستمرة حتى اليوم».
كما أبلغ بو حبيب السفيرين الألماني والفرنسي «امتناع لبنان عن المشاركة في تبنّي القرار المقدّم أمام مجلس الأمن، وأنه سيتم درس الموقف اللبناني لناحية التصويت في حال إحالة القرار على الجمعية العامّة، بالتشاور مع المجموعة العربية في هذا السياق».
وقال «إن الموقف اللبناني ليس موجهاً ضدّ روسيا الاتحادية أو أي دولة أخرى صديقة، إنما هو موقف مبدئي وراسخ اتخذه وسيتخذه لبنان في كل أزمة مشابهة».
وأشار إلى أنه التقى أول من أمس، سفير روسيا الاتحادية ألكسندر روداكوف وأعرب له عن أسفه لأن لبنان بصدد إصدار بيان إدانة للعملية العسكرية الروسية، وأكدنا «أن هذا الموقف غير موجّه ضد دولته ولا نرغب في أن يؤثّر على العلاقة الثنائية الوطيدة».
ولفت إلى أن الاجتماعات التي عقدها مع كل من سفراء أوكرانيا، بولندا، رومانيا، فرنسا وألمانيا «أتت في سياق البحث بموضوع مناقشــة احتـمال إجلاء اللبنانيين من أوكرانيا وفقاً لتطور الأوضاع الأمنية».
في المقابل، استغرب وزير العمل مصطفى بيرم، بعد جلسة مجلس الوزراء أمس «بيان الخارجية اللبنانية الذي صدر مخالفاً لمبدأ الحياد الذي أعلنته الحكومة اللبنانية فضلاً عن عدم التشاور في ذلك وتحميل لبنان تبعات الدخول في مثل هذا النزاع، ذات الأبعاد الخطيرة».
وفي ردود الفعل على بيان الخارجية، اعتبر رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان عبر حسابه على «تويتر»، أنه «حين نرفض التدخل في شؤوننا الداخلية ونعتبر ذلك خرقاً لسيادة وطننا علينا التزام عدم التدخل في شؤون الآخرين والدول».
وأكد أن «بيان الخارجية اللبنانية لا يعبّر عن موقف لبنان الذي يعتزّ بالعلاقات التاريخية مع روسيا الاتحادية، الأجدى بنا التفرّغ لمشاكلنا وأزماتنا والعمل على معالجتها».
وقال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب إبراهيم الموسوي «ينأون بأنفسهم ويدَّعون الحياد حيث يشاؤون ويتدخلون ويدينون أيضاً حيث يشاؤون.. أمر عجيب غريب». وتساءل «أي سياسة خارجية يتبعها لبنان؟ وأين مصلحة لبنان في ذلك؟». وأضاف «تفضّل وزير خارجيتنا وأوضح لنا الأمر».
ورأى النائب السابق أمل أبو زيد عبر «تويتر»، أنه «لم تكن وزارة الخارجية اللبنانية مضطّرة لإصدار مثل هذا البيان حول روسيا، وكان الأفضل الالتزام بالنأي بالنفس». وقال «حصل تواصل معي من وزارة الخارجية الروسية، وسجّلوا عتباً على بيان الخارجية اللبنانية وستكون لي زيارة إلى موسكو لعقد اجتماع في الخارجية الروسية وسألتقي السفير الروسي في لبنان».
واعتبر رئيس حزب «الوفاق الوطني» بلال تقي الدين عبر «تويتر»، أن »على وزير الخارجية اللبناني الاعتراف بأن روسيا هي دولة شقــيقة وصديقة للبنان». فيما طالبت أمانة الإعلام في حزب «التوحيد العربي» في بيان، وزارة الخارجية بـ«سحب بيانــها التي دانت من خلاله العمليات العســكرية الروسية في أوكرانيا» وتقديم اعتــذار لروسيا الاتحادية التي تملك كامل الحق في الدفاع عن أمنها والحفاظ على مصالحها الحيوية بوجه الإدارة الأميركية التي تقترب بكل وقاحة من حدودها».
وأبدى «تجمّع العلماء المسلمين» في بيان، رفضه وإدانته للبيان الصادر عن وزارة الخارجية، معتبراً أنه «تنفيذ لإملاءات الولايات المتحدة الأميركية ويُناقض المصالح الوطنية اللبنانية العليا ويُضرّ بها»، داعياً إلى «تصحيح هذا الموقف بالاعتذار من روسيا وتحميل من أصدر البيان المسؤولية ولو اقتضى الأمر إقالة وزير الخارجية».
كما دعا التجمّع «الدولة اللبنانية إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم انعكاس الأزمة الدولية بين روسيا وأوكرانيا على الوضع الاقتصادي المنهار أصلاً، خصوصاً في موضوع القمح والبحث من الآن عن موارد أخرى للقمح وعقد صفقات في هذا المجال وتخزين احتياطي كافٍ تداركاً لأي أزمة مقبلة على هذا الصعيد».