أخيرة

صدور رواية «غوانتانامو» لحسن سالمي

 «غوانتانامو»… رواية جديدة صدرت عن دار الفردوس للنشر والتوزيع/ تونس، أواخر الشهر الماضي، للأديب التونسي حسن سالمي، عدد صفحاتها 191 من الحجم المتوسط.

«زيدون جابر، انهض لا تنسى الوصية»…

 تبتدئ الرواية بهذا الهاتف مخلوطاً بكابوس مرعب ما انفكّ يزور ذلك الصّحافي… وها هو يتحدّث عن نفسه قائلاً: «أفيق مذعوراً وأنا أتحسّس ما ضربه السّيف من عنقي، ثمّ أنظر في يدي فلا أجد تلك الدّماء التي كانت تلطّخها. أزفر زفرة حرّى لا أستطيع أن أنفث معها خوفي الذي لم تمحه السّنون. أجول ببصري في الأرجاء وسط ظلام يبدّده قليلاً ضوء فانوس يدخل من الشبّاك. للحظة يُخيّل إليّ أنّني ما زلت في قعر جهنّم حيث أسلخ حيّا. لكن في اللّحظة الموالية أعي أين أنا فتخالطني بعض راحة… ما زلت غير مصدّق أنّني في غرفتي وليس في جحر الشيطان ذاك. وأنّ بيني وبينه قارّات بأسرها…»

 وإذا كان إبّان خروجه من الجحيم وضع على عاتقه فضح تلك الانتهاكات الفظيعة التي طالت شريحة من الناس، فأعدّ برنامجاً مصوّراً ذا حلقات عديدة فأحدث من الصّدى ما أحدث، ثم كتب كتاباً يروي فيه معاناته الشخصيّة، إلّا أنّ تلك الهوّة ما زالت ماثلة في أعماق أعماقه وما من سبيل لسدّها إلا إذا امتثل لتلك الوصايا التي حمّلوها إيّاه رفاقه في الجحيم: فضح الجلاد وإحراجه أمام أنظار العالم… هذه المرة اختار أن يروي سيرة (جمال الزّع)، ذلك الشّاب الذي كان يعيش حياته بالطول والعرض بعيداً عن السياسة وأهلها وعن الدين ودعاته، غير أنّه لسبب ما يجد نفسه مطلوباً من تلك الدولة ومن أجهزة مخابرات عالمية بتهمة الضلوع في تفجير مطار كبير أسفر عن مقتل العشرات وجرح المئات من الأبرياء…

 تدور أحداث الرواية بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول. وبُعيد غزو العراق سنة 2003. عادت لهذا الزمن بالذات حتى تلقي ضوءها على مرحلة مهمة من تاريخ الإرهاب، وتوجه إصبعها إلى صانعه الحقيقي، حاصرة الضوء عمداً عن الواجهة الأمامية للإرهاب إذ تعتبرها مجرد أداة للتنفيذ، ولأنّ هذه الجهة من ناحية ثانية تمثل أرضاً موطوءة من أعمال أخرى في البحث والاستقصاء والأدب والدراما عموماً. ومن واجب الأدب الذي يبحث عن الإضافة، التحرّك في المناطق الفارغة والعاتمة…

رواية «غوانتانامو»، رواية سلسة الأسلوب، مليئة بالأحداث المثيرة والشخصيات والتشويق والمفارقة والصّدمة والبشاعة والفظاعة… استدعت نمطاً من الشخوص باهت الحضور في أغلب النصوص السردية الأخرى رغم حضوره اللافت في دنيا الواقع وأسندت له أدواراً مهمة… اشتغلت «غوانتانامو» بهدوء على المستوى الفني والتقني ولكن بعمق. حافلة بالرسائل والمواقف والأفكار والانحياز إلى المظلومين بقطع النظر عن كلّ شيء…

وقد هنأته عقيلته الكاتبة والمربية حنان بدر الدين على صدور روايته الجديدة فكتبت: «عنوان جديد يشعّ في مسيرتك الأدبية، عنوان محيّر يجذب القارئ للإطلاع وكشف الأسرار، إلى مزيد من التألق والعطاء .»

وشكر سالمي الأديبة سنية مدوري، «التي حرصت على إصدار الرواية في الموعد المحدّد وبالشكل الأنيق اللافت».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى