روسيا واعية لمحاولات إغراقها في مستنقع أوكرانيا…
} عمر عبد القادر غندور*
طبيعي ان تتصدّر الأحداث الجارية في أوكرانيا على ما عداها من أحداث مهما تعاظم شأنها، لأنها تتعلق بدولة عظمى كبيرة كروسيا تستشعر ما يُدبّر لها من مكر في أوكرانيا (الأميركية الهوى) والتي يمكن أن تشكل منصة متقدّمة على حدودها الغربية، ويرى فيها حلف شمال الأطلسي و «الناتو» منطقة مهمة عازلة منذ ان تأسّس هذا الحلف عام 1949 للحماية من عدوان سوفياتي في حينه، ثم توسع ليشمل 30 دولة بما فيها ليتوانيا واستونيا ولاتفيا، وتنص المعاهدة على انه في حالة غزو دولة من هذه الدول او مهاجمتها من طرف ثالث فإنّ جميع دول الناتو ستكون معنية في الدفاع عنها.
لذلك يطالب الكرملين اليوم بضمانات لاستبعاد كرواتيا وجورجيا من حلف الناتو، بينما تتمسك واشنطن وحلفاء الناتو بضمّ هاتين الدولتين.
وفي أيلول 2020 وليس ببعيد قتل آلاف الجنود في شرق أوكرانيا وجرى تهجير الآلاف الى روسيا.
وبناء لذلك قالت واشنطن قبل اندلاع القتال انها تتفهّم المخاوف الروسية.
وبعد اندلاع القتال قالت واشنطن إنها لن تبعث بجنود للقتال في أوكرانيا وكذلك فعل الناتو.
وعندما أعلن الكرملين ان لا مطامع له في أوكرانيا ودعا الى طاولة المفاوضات لوقف القتال ومعالجة الأمور العالقة، سارع الرئيس الأوكراني زيلينسكي الى تلقف العرض لكنه بعد ساعات قال انّ التفاوض يجب ان يجري في بودابست او وارسو او اسطنبول وليس في بيلاروسيا.
سرعان ما أدرك الروس ان الرئيس الأوكراني ليس أكثر من دمية في يد واشنطن، وطلبوا من وحداتهم العسكرية مهاجمة أوكرانيا من جميع الجهات، وسرعان ما تبيّن لهم انّ الولايات المتحدة وحلفاءها وحلف في الناتو أعدّوا العدة لاستنزاف روسيا بالعتاد الثقيل، وللمرة الأولى بعد الحرب العالمية الثانية تعلن ألمانيا الاتحادية عن تزويد أوكرانيا بألف دبابة ذات قدرات عالية، إضافة الى العقوبات الاقتصادية الشاملة وتجفيف مصادر النمو واستبعاد روسيا من نظام «سويفت» البنكي الذي يربط التبادلات المصرفية حول العالم، وتقول روسيا انها ستستبدل هذا النظام بنظام الدفع الخاص عبر SPESالذي يستعمل العملات المشفرة.
وقد بلغ الحصار على روسيا حدّ نقل الأدوار النهائية لدوري أبطال أوروبا من مدينة سان بطرسبرغ الروسية الى باريس، إضافة الى بيانات الشجب من الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» فضلاً عن تسابق الدول للإعلان عن بيانات الشجب.
اذن… كلّ الترتيبات تجري على قدم وساق لتمكين الأوكرانيين من الصمود والاستبسال في قتال الروس وتزويدهم بالمعلومات والمال اللازم.
ولكن الى متى يصمد الأوكرانيون في مواجهة الدب الروسي؟
للإجابة عن هذا الافتراض، نستعرض ما يمتلكه الطرفان من عتاد مُعلن، وما لم يُعلن لا يعلمه إلا الله تعالى:
ـ تبلغ مساحة أوكرانيا 603 آلاف، تحدّها روسيا من الشرق، بيلاروسيا من الشمال، بولندا وسلوفاكيا والمجر من الغرب، رومانيا ومولدوفا إلى الجنوب الغربي، ومقدونيا والبحر الأسود وبحر آزوف إلى الجنوب.
ـ عدد السكان 45 مليون معظمهم يتحدث باللغة الروسية.
ـ عديد الجيش 200 الف جندي.
ـ 381 طائرة حربية بينها 69 مقاتلة و 29 هجومية.
ـ 4595 دبابة و1000 مدرعة و 2000 مدفع ميداني و 490 راجمة وأسطول بحري 38 قطعة.
ـ روسيا عدد السكان 142 مليونا.
ـ 4173 طائرة بينها 772 مقاتلة و 794 هجومية.
ـ 12420 دبابة.
ـ 605 قطعة بحرية و 70 غواصة، 15 مدمّرة و 28 كاسحة ألغام.
ـ تبلغ ميزانية الدفاع والإنفاق السنوي 1500 مليون دولار.
في ضوء هذه الأرقام المعلنة نتصوّر المأزق الأوكراني الذي يريده الناتو والولايات المتحدة مصيدة للروس، الى جانب العقوبات، والبيانات التي صدرت في الأيام الأربعة عن حصيلة المواجهات العسكرية تنبئ عن حالها.
نعتقد انّ الكرملين لم يهمل ايّ تفصيل وهو على استعداد للحلول العقلانية في ضوء ما يكرّره عن عدم رغبته في احتلال الأرض الأوكرانية التي يريدها آمنة وخالية من الغام الناتو، في الوقت الذي تقطع الولايات المتحدة البحار والقارات لتوفير حدائق خلفية لها، بينما تبعد واشنطن عن موسكو ٨٠٠٠ كيلومتر بينما لا يحقّ لروسيا ان توفر هذه الحديقة في أوكرانيا المحاذية لها!
ويبقى الرهان على نجاح المعالجات العقلانية المسؤولة التي تقي العباد والبلاد شر النزاعات المدمّرة التي لن تكون في صالح أحد وسط التلويح بالسلاح النووي.