نصر الله: أميركا تمنع عروضاً روسيةً للبنان وعلى مسؤولينا ألا يكونوا عبيداً
ـ نحن كحزب الله لسنا مع النأي بالنفس... لكن أين هذا النأي بالنفس؟ كلّ الكلام الذي سمعناه عن الحياد والنأي بالنفس مجرّد ذريعة للتهرّب من المسؤوليات ـ كان من مصلحة لبنان أن يمتنع عن التصويت في الأمم المتحدة... والبيان الذي صدر باسم وزارة الخارجية اللبنانية ذهب إلى السفارة الأميركية والسفارة عدّلت عليه...!
أكَّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنَّه إذا كان المسؤولون اللبنانيون يريدون إرضاء أميركا فلن يستطيعوا ذلك لأن لا حدود لمطالبها، مشدّداً على أنَّ الخضوع للإملاءات الأميركية لن ينقذ لبنان بل سيزيد من مصائبه.
وخلال الاحتفال المركزي الذي يقيمه حزب الله بمناسبة يوم الجريح، اعتبر السيد نصر الله أنَّه كان من مصلحة لبنان أن يمتنع عن التصويت في الأمم المتحدة، ولكن لبنان صوّت ضدّ روسيا»، كاشفاً «أنّ البيان الرسمي اللبناني الذي صدر باسم وزارة الخارجية اللبنانية ذهب إلى السفارة الأميركية والسفارة عدّلت عليه، ما يعني أنّ هذا البيان مكتوب من قبل السفارة الأميركية فهل هذه هي السيادة؟»
وأشار إلى أنَّ المطلوب من لبنان أن يقول للأميركي إنّ اللبنانيين ليسوا عبيداً عنده فهذا ما تمليه السيادة، سائلاً: «أين النأي بالنفس الذي تنادي به الحكومة؟ ولماذا صمت الذين يدّعون الحياد أمام البيان اللبناني؟»
أضاف: «نحن كحزب لسنا مع النأي بالنفس لكن القوى السياسية اتفقت على النأي بالنفس في الحكومة لكن أين هذا النأي بالنفس؟» مؤكداً أنَّ كلّ الكلام الذي سمعناه عن الحياد والنأي بالنفس مجرد ذريعة للتهرّب من المسؤوليات.
ولفت السيد نصر الله إلى أنَّه عندما يتعلق الأمر بالأميركي يختفي الحديث عن الحياد والنأي بالنفس، وأنَّ ما جرى يسقط أكذوبة أنّ حزب الله يهيمن على قرار الدولة اللبنانية.
وأوضح أنَّه «لو كان حزب الله يهيمن على قرار الدولة اللبنانية هل كان يمكن أن تصدر الخارجية اللبنانية بياناً من هذا النوع وترسله إلى السفارة الأميركية وتعدّل عليه وترفع الصوت فيه، لو كان حزب الله يهيمن على قرار الدولة اللبنانية هل كان يمكن أن تصوّت إلى جانب أميركا؟»
وسأل الأمين العام لحزب الله: «فليقولوا لنا ماذا قدّمت لهم أميركا؟» مبيّناً أنَّه حتى هذه اللحظة لم تقدّم الإدارة الأميركية أيّ مستندٍ خطيٍ إلى مصر والأردن أنه إذا أدخلوا الغاز من سورية إلى لبنان بأنهم محميون من «قانون قيصر»، وكلّ ما يقوله الأميركي هو كذب وخداع.
ولفت إلى أنَّه «منذ سنة ونصف السنة عندما تحدثنا عن الاتجاه شرقاً أتت شركات صينية وروسية وقدّموا عروضات حقيقية للكهرباء لكنهم لم يأخذوا جواباً لأنّ الأميركي يمنع ذلك.
وكشف أنَّ «العرض الروسي تضمّن أن تقوم الشركة بتكرير 160 ألف برميل نفط أو 200 ألف برميل من خلال المصفاة الكبيرة، وتكفي حاجات لبنان ويصدّر لبنان المشتقات النفطية وتبيع الشركة الدولة بالليرة اللبنانية»، مضيفاً: «يقول العرض إنه بعد 20 سنة ستكون المصفاة للبنان لكن بعد سنة ونصف السنة من المفاوضات ليس هناك جواب ويتمّ وضع شروط باستمرار».
وأكَّد السيد نصر الله أنَّ السفارة الأميركية هي من تمنع الردّ اللبناني على عرض الشركة الروسية، ويمنع لبنان من التوجه نحو الخيار الروسي من دون أن يقدّم بديلاً»، وقال: «فليحضر الشيطان الأكبر تبعكم» شركة أميركية تقدّم ما قدّمته الشركة الروسية ووقعوا معهم»!
وبيَّن أنَّه لو كان حزب الله يهيمن على قرار الدولة اللبنانية لتمّ قبول العرض الروسي منذ عام ونصف العام، داعياً المسؤولين اللبنانيين إلى اتخاذ القرار وقبول العرض لأنّ الطوابير عادت أمام محطات الوقود.
كما دعا الدولة اللبنانية إلى مواجهة الاحتكار ورفع الأسعار وزجّ المحتكرين في السجون، وإنقاذ بقية اللبنانيين العالقين في أوكرانيا ورعاية من تمكن من الخروج والوصول إلى لبنان،
ولفت السيد نصرالله إلى أنَّ بعض المسؤولين اللبنانيين يفترضون أن َّالأميركي يريد أمراً معيناً فينفذه حتى من دون أن يطلبه منه، مطالباً الدولة اللبنانية بالحدّ الأدنى من الحرية والاستقلال والوطنية والتفكير بمصلحة البلد
وقال: «لا نطالب بإعلان الحرب على أميركا لكن بالحدّ الأدنى لا تخضعوا لهم ولا تكونوا عبيداً لهم وخذوا القرار الذي يخدم بلدكم وشعبكم»، موضحاً أنَّ «الخضوع للإملاءات الأميركية بهذه العقلية والذهنية هذا البلد سيزداد فقراً وفاقة وذاهبون الى المزيد من الكوارث والمصائب».
وشدَّد السيد نصر الله على أنَّه يجب أن نتعلم من الجرحى من إخلاصهم وصدقهم وبصيرتهم النافذة وصبرهم الجميل وثباتهم الأصيل ويجب أن نكون بمستوى إنجازات وتضحيات الجرحى.
المسؤولون الأوكرانيون
يقولون اليوم تُركنا لوحدنا
وفي ما يخص الأحداث في أوكرانيا لفت السيد نصرالله أنها مهمة جداً لجهة أخذ العبر والدروس المستفادة منها، مشدّداً على أنَّ هناك شواهد يومية في العالم على أنّ الثقة بالأميركيين غباء وحماقة وجهل وتفريط بالأمة والوطن.
وأشار إلى أنَّ أميركا تحذر روسيا من ارتكاب الجرائم ضدّ المدنيين لكنها نسيت ما ارتكبته هي من جرائم بشعة ضدّ المدنيين في كلّ حروبها، موضحاً أنَّ أميركا ارتكبت الجرائم من اليابان إلى الصومال والعراق وأفغانستان وسورية وجرائم الصهاينة بحق غزة والفلسطينيين وجرائم العدوان السعودي الأميركي بحق أهل اليمن.
وأوضح أنَّه لطالما قامت الطائرات الأميركية بقصف أعراس أفغانية وحوّلوها الى مآتم، معتبراً أنَّه يجب عقد آلاف جلسات المحاكمة للجيوش الأميركية والأوروبية على ما ارتكبته من جرائم بحق الجزائر وليبيا وغيرها من الدول.
كما لفت إلى أنَّ التكفيريين الانتحاريين الذين فجروا في بيشاور بالأمس هم خدم المشروع الأميركي وصنيعة أميركا، مبيّناً أنَّه حتى من ينتمي إلى عالم الرجل الأبيض هو مجرد سلعة وأداة عند الأميركي.
وأضاف السيد نصر الله: «لقد رأينا جميعاً كيف خرجت الولايات المتحدة من أفغانستان وتخلت عمّن وثق بها هناك»، لافتاً إلى أنَّ واشنطن لا تكتفي بعدم إدانة الجرائم «الإسرائيلية» في فلسطين بل تمنع العالم من الإدانة أيضاً.
ورأى أنَّ الولايات المتحدة وبريطانيا دفعتا أوكرانيا إلى الحرب فيما بعض الدول الأوروبية بينها ألمانيا لم تكن يريد أن تصل الأمور في أوكرانيا إلى ما حصل.
وأكد الأمين العام لحزب الله أنَّ المسؤولين الأوكرانيين يقولون اليوم تُركنا لوحدنا ويعبّرون عن خيبة أملهم، مبيناً أنَّه «اليوم لو قدّر لأحد أن يدخل إلى عقول المسؤولين في أوكرانيا لوجد قمة الشعور بالخذلان والخيبة، لذلك بدأ ينزل عن الشجرة وأصبح جاهزا لكي يفاوض على الحياد وغيره».
وتابع: «أميركا تؤكد يومياً أنها لن ترسل طائرات وجنود أميركيين إلى أوكرانيا رغم أنها دفعتها إلى ذلك، ويقولون للأوكران أنتم حاربوا ونحن لسنا جاهزين لنحارب عنكم وأقصى ما نقدّمه هو العقوبات لأنّ ذلك لمصلحتهم لإضعاف روسيا وليس لمصلحة أوكرانيا»، سائلاً: «التعاطي مع اللاجئين يكشف التمييز على أساس الدين والعرق واللون فهل هذه هي الحضارة الغربية؟»
وبمناسبة يوم الجريح قال السيد نصرالله: «الحزب يحتفي بالجرحى في هذا اليوم ويعبّر عن اعتزازه وافتخاره بهم وبجهادهم وتضحياتهم وصبرهم وثباتهم وليعترف بفضلهم وجميلهم، مشيراً إلى أنَّه «نحن نحتفي بما أعطانا الله من نِعم بكم من أمن وأمان نعيش به بفضل تضحياتكم».
وتوجه للجرحى قائلاً: «أنتم اخترتم هذا الطريق وحضرتم في ساحات الجهاد والمقاومة ودافعتم عن هذا البلد وأمنه واستقراره وصنعتم النصر، أنتم الشهود الذين تذكّرون الناسين والناكرين من خلال حضوركم الحيّ عندما ترفعون أيديكم المقطعة وعندما تنظرون بعيون أطفئت وهي تدافع عن الوطن».
ولفت إلى أنَّ «العباس هو الكفيل الذي استمر رغم الجراح وأنتم كالعباس كنتم الكفيل لأعراضنا وكنتم من حمل الراية وبفضلكم لم تسقط»، مضيفاً: «أنتم الشهود الصادقون على تضحيات المقاومة الإسلامية منذ أربعين عاماً وعلى انتصارات المقاومة على مدى 40 عاماً وأنتم الشهود الصادقون على ثبات أبناء هذه المقاومة ونسائها ورجالها وصغارها ونسائها وجمهورها».