النأي بالنفس والحياد كذبة
خلال أكثر من عشرة أعوام يسمع اللبنانيون شعار النأي بالنفس، ومنذ ثلاثة أعوام يتردّد شعار الحياد. وفجأة يكتشف اللبنانيون انهم ضحية لعبة خداع كبير. فالشعار استعمل مرتين فقط، مرة لتبرير الابتعاد عن سورية عندما تمّ إشعال الحرب عليها، عندما كان الابتعاد عن سورية مطلباً أميركياً سعودياً، ومرة ثانية لإسكات كل صوت متضامن مع مأساة الشعب اليمني ورفض العدوان الوحشي الذي يتعرّض له. وبرغم العنوان البراق للنأي بالنفس والحياد، وما يقتضيانه من عدم الانحياز ـ كان الشعاران غطاء انحياز الى جانب مَن أشعل الحرب على سورية ومشاركته القطيعة معها، وإعلان الانحياز الى حلف الحرب على اليمن، وعدم التحدّث إلا عندما يقوم اليمن من موقع الضحية بالردّ على العدوان.
عندما لم يعد لشعارَي النأي بالنفس والحياد فائدة، وصار المطلوب أميركياً وسعودياً أوسع من قدرة الشعارين على التلبية، وفقاً لمقتضيات الانحياز للموقف الأميركي من الحرب في أوكرانيا، تم سحب الشعارين من التداول، وصمت أصحابهما، وذهبت الحكومة الى الانحياز السافر بلا تبريرات، لأن التبرير الذي قدّمه وزير الخارجية تحت شعار المعيار الأخلاقي سقط بالضربة القاضية عندما يقابل الحالة اليمنيّة، حيث مواصفات استثنائية لعنوان تدخل جيش أجنبي بأحوال بلد آخر، وعنوان تجنيب المدنيين ويلات الحروب، والخارجية تستنفر كلما وقعت قذيفة يمنيّة في السعودية والإمارات رداً على دمار وخراب وقتل فاضح، يمرّ في ظل صمت مريب للخارجية والحكومة.
لبنان في السياسة الخارجية منذ 2005، عضو في حلف دبلوماسيّ تقوده واشنطن والرياض ترسم من خلاله سياسته الخارجية بعيداً عن حسابات المصلحة الوطنية اللبنانية. وهذا الانحياز ثابت رغم تغيّر الحكومات، باستثناء مرحلة حكومة الرئيس حسان دياب، قبل أن تتم إقالة الوزير شربل وهبة طلباً للرضا السعودي.