سوق الحمام في حلب

يقع سوق الحمّام جانب خان العلبيّة، أمام سوق الجوخ،

وينتهي عند سوق القطن.

سمّي بسوق «الحمّام» لأنه كان في الأصل حماماً يدعى حمام «الدلبة» ويدل ذلك على تكوينه الداخلي الذي يشعرك بأن دكاكينه الموجودة حالياً لم تكن سوى خُلوات (الوسطاني والجواني).

والخلوات هي غرف متجاورة متدرجة الحرارة فيما بينها داخل الحمّام، تسهيلاً منها لتأقلم الجسم على درجات الحرارة المختلفة عند الدخول والخروج منها.

ويؤكد بعض أصحاب تلك المحال القدامى على وجود أجران حجرية داخل محالهم تعود لذلك الحمّام أزيلت في ما بعد.

يُدخل إلى هذا السوق من خلال قنطرة حجرية عريضة، وضع على يمينها اسمه، يجاورها سبيل ماء وُضع صدقة جارية من أصحاب تلك المحال لري ظمأ العابرين والزبائن.

سقف هذا السوق حجري مقبب تتناوب بداخله فتحات التهوية والإنارة، وتتوسطه قبة دائرية حجرية ذات فتحة صغيرة في منتصفها.

إن شكل القبة وتموضع تلك المحال تحتها بشكل غير منتظم، يؤكد أن هذا السوق كان في السابق حمّاماً.

يحوي هذا السوق على حوالي (26) محلاً تجارياً موزّعاً على كِلا الطرفين، تشتهر جميعها بتجارة الأقمشة والخيط وقص وتفصيل أثواب العرب.

معظم المحال جهة اليمين تعود ملكيتها لعائلة «دهان أبو الليل»، والتي تشتهر بقص وتفصيل الزي العربي التقليدي الذي يشتهر به هذا السوق عبر الأجيال.

ومن جهة اليسار، يوجد عدة محال متفرقة لتجار آخرين.

يتكئ على طرفهم الشمالي جامع العطارين، الذي يُعاد ترميمهُ حالياً من قبل بعض التجّار.

تتنوع بضائع هذا السوق من الأقمشة المحلّية الصيفية

(كقماش الساتان، والبوبلين، والحرير، والقطن، والقصب.. الخ ).

والأقمشة الشتوية (كقماش المخمل بعدة الوان وقماش الجوخ الخ)..

حيث يتم تفصيلها ضمن هذا السوق، ومن ثم يرسلونها إلى الخياطات اللواتي يخطنها في المنزل ويضفن عليها التطريزات من خيوط القصب كثوب العروس الريفي الملون، حيث ترتدي العروس فوقه «الجودلي» وهو عبارة عن عباءة أقصر من الثوب، وتزيّن رأسها بشال مصنوع من الحرير.

أما عن العباءات الرجالية،

فتتم عملية القص والتفصيل داخل هذا السوق ثم إرسالها إلى الخياطات أو لسوق الخياطين الذي يهتم بخياطة العباءات الرجالية الصيفية منها والشتوية.

تصنع بعض العباءات الرجالية الشتوية من قماش الجوخ وتبطن بالفرو المصنوع من الصوف الطبيعي، والتي تدعى «حورانيات».

وبعضها الآخر يبطن بقماش.

تباع بضائعهم بالجملة أو بالمفرق، داخل المدينة وخارجها (كالحسكة والرقة وسد الفرات، الطبقة، والخفسة، ودير حافر، والسفيرة.. الخ).

اكتظ هذا السوق عبر الزمن بكثرة زبائنه من سكان الريف، وازدهر بجودة بضائعه..

وفي عام 2012م أيام الحرب الجائرة على مدينة حلب، طالت يد الإرهاب هذا السوق كما طالت معظم المدينة القديمة، حيث تعرض هذا السوق للحرق والنهب.

وبقيت آثار ضلالاتهم توحي بوحشية إجرامهم والعبث بتاريخ مدينة عاشت بألق وازدهار على مرّ الزمان

وبقي هذا السوق بعد تحرير مدينة حلب عام 2016م

يقبع في الظلام والإهمال حتى يومنا هذا..

وفاء شربتجي