تويني: أوروبا ضحية سقوط الكبار والعقوبات ستصبّ على رأس شعوبها
رأى الوزير السابق نقولا تويني، أن «العالم اليوم يدفع ثمن سقوط الاتحاد السوفياتي والتصرّف الأحمق المتعالي الأميركي الغربي بإرث السوفيات، بعدما فقدت السيطرة الأميركية على جحافل التكفيريين والمرتزقة التي تعبت على تدريبهم وتزويدهم بالأسلحة والأموال والتقنيات لدحر السوفيات في أفغانستان. وبعد سقوط السوفيات وإنشاء الوحدة بين ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية بعد تخلّي السوفيات عن ألمانيا الشرقية هاجم الرئيس (الرئيس الأميركي السابق جورج) بوش العراق لطرد العراقيين من الكويت وبعد سنوات هاجم بوش الابن العراق وأفغانستان. بعد سلسلة من المبرّرات الكاذبة اجتاح العراق وكبّد الجيش العراقى وشعب العراق أكثر من 200 ألف شهيد وحلّ الجيش العراقي وبدّد كنوز العراق المالية والثقافية والحضارية تحت مسمى احلال الديمقراطية مكان ديكتاتورية صدام».
وقال تويني في بيان «أمّا في أفغانستان، ففهمكم كفاية، الانسحاب المُخزي الأميركي من هذا البلد خير تعبير عن فشل السياسات التوسعية الأميركية في القرن الواحد والعشرين. وتابعت أميركا تجاهلاً لكل القوى العالمية وأهمها أوروبا وروسيا وعملت على فكّ العلاقة وقطع التواصل بين أوروبا وروسيا، فاجتاحت يوغوسلافيا وقسّمتها اتنيات وأديان والمهم أنه تمّ تفكيك العلاقات الروسية اليوغوسلافية التاريخية وتقسّمت إلى دويلات مرجعها الغرب والناتو».
أضاف «ثمّ توجهت أميركا شرقاً إلى دول البلطيق وأدخلتهم في تحت أجنحتها الدافئة وجاء دور أوكرانيا في تنصيب حكم بعد انقلاب صوري متعاطف مع الغرب ومستعدّ لأي طلب غربي لتنغيص مزاج القيادة الروسية».
وتابع «جاء الهجوم الروسي في يوم وساعة ولا كل الأيام. يقول عنه هيغل ساعة وصف نابليون فاتح مدينة هايدلبيرغ: (رأيت عقل العالم قادم إلى المدينة على حصانه الأبيض). أراد القول إنه رأى لحظة الانشطار والتغيير التاريخي، فنحن نعيش أيام الانشطار. والعقوبات الغربية التي تنهال على موسكو هي فعلياً في المطاف الأخير، عقوبات على الغرب وليس على موسكو، ما علينا إلاّ مراقبة الارتفاع المفاجئ والكبير لأسعار الوقود والقمح والغاز والفولاذ والموادّ الأولية، واكتشف الغرب أن أكبر مصدر لها هو الاتحاد الروسي الذي بدوره لا يستورد إلاّ بعض الكماليات من الغرب. العقوبات كلها ستصبّ على الغرب المتعافي للتو من محنة الكورونا وضعف العناية الطبية والاجتماعية ورخاوة الاسعافات والطبابة والتمريض ومعاناة من مآس اجتماعية سببها الفقر والحرمان وعدم المساواة».
وأردف «اعتقد الغرب أنه سوف يُحلّق بعدما أسقط السوفياتي بينما لم يدرِ أنه سوف يسقط مع انتفاء نقيضه بدفع محرّكات جدليّة التغيير التاريخي.… العقوبات ستصبّ كلّها على رأس شعوب الغرب المتعافي للتو، فطارت أسعار الوقود والغاز والقمح والفولاذ وجميع الموادّ الأوليّة واكتشف الغرب ان اكبر مصدر لها هو الاتحاد الروسي الذي بدوره لا يستورد إلاّ بعض الكماليات من الغرب بإمكانه الاستغناء عنها بكل سهولة».
ورأى أن «الغرب دخل زمن ما قبل الحرب الرمادي والجيش الروسي يُتابع توغله في أوكرانيا ولم يتجرأ الغرب على النزول إلى ساحة المبارزة، ليقين منه أن التغيير سوف يحصل وإذا تدنّت قيمة الروبل فهذا صحيح ولكن ماذا حصل بالعملات الغربية أمام أسعار المواد الأولية. فهل حسب الغرب ما هو مقدار تدنّي القوة الشرائية لعملاته المظفّرة، لا أحد يريد البحث في هذا الموضوع».
وختم «في ساعة التغيير العنيف، على الغرب أن يُهادن ويعترف بضعفه وفشله في قيادة العالم منذ سقوط السوفيات لتجتمع الدول مجدّداً في فيينا لكتابة ميثاق جديد يحفظ التوازنات والمعادلات الجديدة قبل فوات الأوان على الجميع. لا يُمكن فهم ما يجري في أوكرانيا من مآسي هذا الاندفاع الحربي بين البلدين الشقيقين إلاّ بالتنقيب عن أسبابها في جدليّة الأحداث التاريخية السابقة التي أدّت لهذا الانفعال البشري المسلّح، بالطبع نشتهي ونتأمّل أن يتوقف فوراً سفك الدماء بين الإخوة الأوكرانيين والروس وتوقف المعارك فوراً وحلول الدبلوماسية والمواثيق حقناً لدماء أبناء شعب أوكرانيا والإنسانية جمعاء».