كيف تجري الانتخابات مع كلّ هذه الأزمات…؟
} علي بدر الدين
بات لزاماً على المنظومة السياسية، الخروج من الظلّ الى العلن، ووضع حدّ للعبة القطة والفأر، التي تتقنها جيداً، في ما يتعلق بالاستحقاق الانتخابي النيابي، التي تؤشر كلّ المعطيات الخفية والعلنية، الى انّ كفة ميزانه تميل لصالح التأجيل او التمديد، ولم يعد يفيدها الإيحاء بأنّ الانتخابات النيابية الموعودة ستجري في موعدها في الخامس عشر من أيار المقبل، ولا محاولاتها العبثية القائمة على «قدم وساق «لتركيب التحالفات في غير منطقة، ولا غربلة المرشحين على لوائحها، ولا إيهام الشعب اللبناني والطامحين لدخول «جنة» المجلس النيابي، بجدية ما يحصل من «شدّ حبال» و»عض أصابع» والتسويق الإعلامي بأنّ ايّ تغيير لن يطرأ على تركيبة المجلس الحالية، مهما حصل من خرق بسيط في هذه المنطقة او تلك، ولن يحدث فرقاً، او قلبا للموازين، حتى لو حصلت الانتخابات في موعدها المحدّد.
هذه المنظومة المتمرّسة في الاحتيال والألاعيب، تصدُق في ما تقول، ولكن بـ «الشقلوب» لأنه حقّ يُراد منه الباطل وينضح بالكذب والرياء، والقصد منه، انّ القديم باقٍ على قِدَمه، لأن الانتخابات لن تحصل، ولديها الكثير من الذرائع والتبريرات على مستوى الداخل والخارج للهروب منها، وتبدو للأسف انها «مقنعة» وانْ كانت بعض أسباب تأجيلها او الإطاحة بها مفتعلة ومخطط لها عن سابق قصد وإصرار وتصميم، وهي تقصّدت زرع ألغامها مسبقاً، لتكون «غب الطلب» وتفجيرها تباعاً الواحدة تلو الأخرى، والتي واكبت إنتاج قانون انتخابي بعنوان مشبوه هو النسبية، ولكنه مشوّه ومزوّر وطائفي ومذهبي مفصّل على قياس بعض الطبقة السياسية، ولا يمكن ان ينتج منه ايّ تغيير، في ايّ انتخابات نيابية لا في القريب ولا في البعيد، والتجربة لا تزال حية وماثلة في انتخابات ٢.١٨، وكلّ محاولات وطروحات تعديله لا تتعدّى الشكل والقشور، ولا تتجاوز المصلحة الآنية لبعض الأفرقاء…
العودة للمطالبة باستحداث «الميغاسنتر» قبل أسابيع قليلة جداً من موعد إجراء الانتخابات وقبل أيام من انتهاء مهلة الترشح في الخامس عشر من الشهر الحالي، والذي اقتضى تشكيل لجنة لدراسته والجدوى منه، فدبّ الخلاف بين أعضائها، وقد طرح فيها البعض تأجيل الانتخابات الى شهر أيلول المقبل، ثم تحويل ما تمّ «الاتفاق» عليه الى مجلس الوزراء لدرسه والموافقة عليه، وبعدها الى مجلس النواب للمصادقة عليه، وهذا لا يمكن حصوله، في الوقت المتبقي، وهذا بمثابة معجزة، لكن مخاطرها قد تؤدي لتأجيل الانتخابات، وهذا وقد تكون الشعرة التي ستقصم ظهر الانتخابات وتؤجّلها، وانّ غداً لناظره قريب.
قد يكون استحداث «الميغاسنتر» ضرورياً، إذا وردت في متن القانون الانتخابي، وإذا كان توقيت المطالبة بها مناسباً، وأخذت المزيد من الدرس والتمحيص ومعرفة سلبياتها وإيجابياتها والفائدة المرجوّة، وما هو مدى الخدمة التي توفرها للناخبين لجهة توفير الوقت والكلفة، وليس توظيفها لتطيير الانتخابات. و»الميغاسنتر» ليست هي العامل الاستثماري الوحيد لتأجيل الانتخابات، بل هناك كمّ من العوامل المؤثرة، التي يمكن توظيفها وتتمثل بالأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية والخدماتية التي تتفاقم يومياً، وأدّت الى فقدان الدواء والغذاء والخدمات والطحين والمحروقات، وإذا، ما وُجدت فإنها تخضع كلها لتجار وشركات الاحتكار والجشع، ومستغلي الفوضى والفلتان وغياب الرقابة والقضاء والأمن والملاحقة والمحاسبة، التي أنتجت مجتمعة الفقر والجوع والبطالة، وجوّعت المواطنين الذين يكتوون بالنار المتدحرجة التي أحرقت ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، ولم تعد الانتخابات تعني لهم شيئاً، ولا من يترشح ويفوز ويؤمّن كتلة نيابية وازنة، او من يخسر او ينتصر، او يقلب المعادلة في الاستحقاق الرئاسي المقبل… اللهم إلا القليل من الشعب المنتفع الذي «يأكل لحم أخيه» لأنه يأكل «من خبز السلطان ويضرب بسيفه».
ثم كيف ستحصل هذه الانتخابات في وقتها المعلن والعالم من حولنا وفي محيطنا يعيش على وقع الحرب الروسية الأوكرانية الأوروبية والأميركية والعالمية، التي قد تمتدّ نارها ولهيبها وتداعياتها الى غير قارة ودولة، وقد بدأت شظاياها تطال الدول القريبة والبعيدة، وقد دخلت فيها حرب النفط والغاز والقمح والطحين وأصبح رغيف الفقراء في «الدق»، ولبنان المتروك لقدره، والذي يفتقد الى أدنى مقومات الحماية الغذائية والاقتصادية والمالية والمديون للخارج، أول من تشظى بالحرب المستعرة، وقد ارتفع صراخه لفقدان القمح والطحين، وانعكاس أسعار النفط والزيت التي إما هي مخزنة من شركات وتجار الاحتكار لتحقيق المزيد من الأرباح غير المشروعة، او فعلاً شحّت من الأسواق لعدم وجود التخطيط المسبق من الحكومات المتعاقبة، التي لا يهمّها سوى مصالحها وتراكم ثرواتها، وليذهب الشعب الى الجحيم.