أولى

مؤتمر حركة الشعب في تونس

– تمثل حركة الشعب في تونس التيار القومي التقدمي بعدما نالت 16 مقعداً في برلمان 2019، وتشكل مع حلفائها في التيار الديمقراطي ثاني أكبر كتلة نيابية هي الكتلة الديمقراطية التي تشغل ما مجموعه 37 مقعداً نيابياً، والكتلة التي مثلت أقوى كتل المعارضة البرلمانية لحركة النهضة الأخوانية التي ينتمي إليها رئيس البرلمان وكانت تلعب دوراً محورياً في تشكيل الحكومات قبل إجراءات الطوارئ التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، شكلت الظهير البرلماني لإجراءات الرئيس، قبل أن تتمايز عنه بمواقف تضعها في موقف ثالث بين الرئيس والنهضة، لا يقترب من النهضة لكنه لا يتماهى مع الرئيس.

– يقول الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي ان احزاباً معارضة تلاقت في ذكرى اغتيال شكري بلعيد، الذي تتهم المعارضة حركة النهضة باغتياله واغتيال زميله القيادي المعارض للنهضة محمد البراهمي الذي شغل منصب الأمين العام لحركة الشعب قبل تنحيه عن المسؤولية التنظيمية قبل اغتياله. ويقول المغزاوي إن حركة الشعب ساندت مسار 25 يوليو منذ البداية، «لأنها كانت لحظة مهمة في تاريخ تونس، وطالبنا أن نبني عليها للانتقال من ديمقراطية فاسدة، إلى ديمقراطية حقيقية، لكن بعد ستة أشهر للأسف هناك الكثير من الرسائل السلبية. نحن نختلف مع الرئيس في طريقة تسيير الأوضاع، لأنه قام بالخلط بين الشكل التنظيمي والمحتوى، ويعتقد أن البناء القاعدي سيحل مشكلات البلاد».

– ينعقد مؤتمر حركة الشعب وسط تحديات نوعية دولية وعربية وتونسية، ورغم ظاهر خصوصية كل منها تبدو في العمق مترابطة، فالصراع العالمي يدور حول جبهة عالمية للدول المستقلة طلباً لإسقاط مشروع الهيمنة الأميركية القائم على القطبية الأحادية السياسية والنقدية والعسكرية والاقتصادية، سعياً لنظام عالمي جديد يحترم استقلال الدول وخصوصياتها ويقوم على التعددية القطبية. والصراع الإقليمي يدور بين خيارين يدعو أحدهما للتطبيع مع كيان الاحتلال بذريعة أولوية المواجهة مع ما يسميه بالخطر الإيراني، بينما يمثل الثاني خيار المقاومة للمشروع الصهيوني على قاعدة الإيمان بأن البوصلة ستبقى فلسطين، ولعل من مسؤوليات مؤتمر حركة الشعب تثبيت موقع تونس في خياراتها الدولية والإقليمية قبل الدخول للبعد الوطني من الأزمة التونسية.

– موقف الرئيس التونسي الذي بات يتولى الإشراف على الحكومة وخصوصاً السياسة الخارجية من مشروع القرار الأميركي حول أوكرانيا يشبه موقف الحكومة اللبنانية، وبذريعة الاعتبارات المبدئية ذاتها للتصويت إلى جانب مشروع القرار الأميركي، تحت شعار رفض اللجوء الى القوة وتهديد دولة ذات سيادة واحتلال أرضها، بينما كان الامتناع عن التصويت هو التعبير الأدق عن هذا المبدأ من جهة، واعتبار الالتزام بمقتضيات السلم والأمن الدوليين مسؤولية قانونية للدول في صياغة موقفها من الأحلاف العسكرية والحربية المزعزعة للاستقرار، حيث انضمام أوكرانيا لحلف الناتو كشرارة للحرب هو إعلان انضمام لحلف عسكري يدعو علناً لاعتبار روسيا عدواً.

– في الشأن الإقليمي تشكل العلاقة مع سورية المعيار الأهم لقياس موقف الحكومات التونسية المتعاقبة من المسألة القومية وخياري المقاومة والتطبيع، وهو معيار عملي لا يمكن إخفاؤه بالخطابة الكلامية التي ميزت حكومات حركة النهضة، التي دأبت على مناصبه سورية العداء، ولم تقم برفع مستوى التمثيل القنصلي ترجمة لموقعها في حلف العداء لسورية، ومن المستغرب ألا يتحرك ملف العلاقة مع سورية إلى الأمام رغم مرور شهور على إقصاء حركة النهضة.

– أنظار القوميين في المنطقة تتجه نحو مؤتمر حركة الشعب في تونس باعتبارها أكبر الحركات القومية المنظمة، الحاضرة في الحياة السياسية لبلدها بقوة، ليخرج هذا المؤتمر برؤية سياسية جامعة تعيد الحياة للتيارات القومية، وتظهر قدرتها على تشكيل مرجعية موثوقة في مواجهة التحديات والأزمات، في ظل تراجع تعانيه هذه الحركات في العديد من البلدان العربية، باستثناء سورية، حيث يتولى الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي رئاسة الدولة.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى