موسكو تقترب من إعلان النصر وواشنطن تتقهقر الى النقب…!
محمد صادق الحسيني
تتسارع الخطى باتجاه إنجاز المهمة الروسية الخاصة في مسرح العمليات في أوكرانيا، بعد نجاح العملية استراتيجياً منذ عبور أول دبابة روسية الحدود باتجاه الدونباس او حوض الدون.
ومن يتابع بدقة كياسة موقف الرئيس الروسي وهو يلاعب مخلب الأطلسيين المراوغ المدعو أردوغان، الذي لم يتغيّر ولن يتغيّر في لعب دور الخادم الإقليمي الأمين لمصالح الأميركان وباعتباره حارس مرمى الناتو الجنوبي، يستطيع القطع بأنّ التخطيط للعملية كان محكماً.
منذ الأيام الأولى للعملية العسكرية وهو مكلف بدور «الوساطة» بين ما تبقى من سلطات كييف لدى مالكها الأطلسي وبين موسكو التي تتقدّم بخطى ثابتة لإنجاز المهمة حسب الخطة المرسومة.
ولأنّ الأميركي المهزوم على كلّ البوابات المقاومة وعلى أسوار عواصمنا، يتوقع تسارع حركة النهضة الفلسطينية العربية على مشارف شهر رمضان المبارك، وما المؤشرات الخطيرة التي ظهرت من بئر السبع والخضيرة لعمليات نوعية فريدة من نوعها ولم يتبناها أحد إلا «مقبّلات» رمضان وما بعده كما يقول الراسخون في العلم، ولأنّ مفاوضات فيينا جوبهت بالصلابة الإيرانية المتوقعة، ولأنّ اقتحام أسد الشام عرينهم في لحظة ارتباك أميركي صهيوني شديد، فإنّ إدارة بايدن المضطربة والفاقدة للبوصلة والتي عمل اتجاه الرياح العالمية على غير إرادتها، فإنها باتت مضطرة للاعتراف قريباً بالهزيمة في أوكرانيا، من أجل الانتقال الى نسخة صيدلانية جديدة لها في كلّ من فلسطين وآسيا الوسطى والقوقاز.
لذلك هرولت الى فلسطين وهي تنسحب من أوكرانيا متقهقرة، محاولة الظهور بمظهر المنتصر لصالح اليهودي المرتعد خوفاً هذه المرة من الضفة المتراكمة غضباً ومن أراض الـ ٤٨ المتزايدة ثورة، بالإضافة الى غزة بسيفها المسلول، ولبنان المدجّج بالأسلحة الدقيقة والكاسرة للتوازن، فكان أن أشهرت مشروعها المزعوم والذي ستروّج له كثيراً:
«ناتو عربي ضدّ إيران»، وإظهاره وكأنه لحماية الأمن القومي العربي من الاجتياح الإيراني، خاصة إذا ما اضطرت للرضوخ لمطالب طهران بالتوقيع على اتفاق فيينا متجدّد…
فيما هي تقصد «تدافُع المهزومين أمام المقاومة الصاعدة»،
وما اختيارها لبئر السبع مكاناً للمتهالكين، إلا دلالة على ما نقول.
في هذه الأثناء، ولأنها تخاف سقوط العرش الأردني ومديرية رام الله الفلسطينية، بسبب خِسة اليهود وأطماعهم التي لا تجد لها حدوداً، فإنها مضطرة أيضاً لإعادة شدّ العصب في هاتين القوتين من النظام العربي الرسمي المتهافت خوفاً من ثورة قومية عربية تتدافع شرارتها من الداخل الفلسطيني ومن كلّ من سورية والعراق مع مظلة إيرانية دافعة للتغيير في حال قيام الثورة العربية على غرار ما حصل بعد العام ١٩٦٧ في عمّان يوم تجمّعت عوامل النهضة العربية وتبلورت معركة الكرامة الشهيرة .
من جهة أخرى وهي تقاتل قتالاً تراجعياً وتنسحب القهقرى من أوكرانيا، ستحاول أيضاً تفجير آسيا الوسطى والقوقاز من جديد، موكلة الأمر لحارسها الأمين أردوغان ليتولى إثارة الاضطرابات في كلّ من اذربيجان التي بدأت تخاف واشنطن من قيادته التي بدأت تميل لموسكو ولطهران رويداً رويداً، ومن ثم في اوزباكستان وقرغيزستان وتركمانستان وسائر دول المنطقة على شاكلة ما فعلته في كازاخستان من قبل، في محاولة لخلق «نواتاة» ثورات ملوّنة جديدة، تعويضاً عن فشلها السابق هناك، وتشغيلاً لذراعها الجنوبي الطوراني المترنح في أنقرة لعلّ ذلك يضبط دقات ساعته على توقيت تل أبيب أكثر فأكثر.
من هنا يمكن تلخيص الموقف العام لما يجري من تداعيات هزيمة الأطلسي في أوكرانيا، بأنّ أولى ارتداداته ستكون في منطقتنا بنضوج أجواء انتفاضة فلسطينية، وتحوّل عربي قومي لصالح قوى الممانعة والمقاومة والتغيير، وتلاحم هاتين القضيتين بقصة التحوّل الكبير التي ترتعد منه الرياض وتتجنّب تحمّل أكلافه واشنطن لوحدها، ألا وهو الانتصار اليمني الكبير، وهو ما يمكن ان يشكل بمثابة الضربة القاصمة لاستراتيجية واشنطن في القتال بالوكالة، ايّ خسارة الكيانين السعودي والإماراتي ومعهما في الطريق طغمة المنامة، وهي خسارة ستكون هذه المرة أقوى من خسارتها لألوية جيوشها المسماة بداعش والنصرة في بلاد الشام والرافدين .
من الآن الى ذلك الحين، دعونا نتابع بصمات بوتين في صناعة العالم الجديد من خاصرة روسيا الصغرى أو ما بات يُعرف حديثاً بأوكرانيا!