التخطيط الأميركي لإسقاط بوتين عبر الحرب الأوكرانية…!
} رنا جهاد العفيف
الحرب الأوكرانية التي كانت تخفي الكثير من المخططات تحت الرماد بدأت تتبلور، لا سيما أنّ أوكرانيا أداة حرب وضحية تطمح إليها واشنطن من خلال موازين القوى الدولية فيما أثارت الشكوك وتساؤلات عدة حول زلة لسان الرئيس الأميركي جو بايدن، ومعاني تصريح بشأن إزاحة بوتين عن السلطة فهل خطط الأميركيون لإسقاط الرئيس الروسي عبر الحرب في أوكرانيا؟
على ما يبدو الأهداف المركزية التي وضعتها واشنطن تتلاشى أو ربما هي قيد انتهاء الصلاحية، إذ تحدث الكونغرس الأميركي عن إزاحة الرئيس الروسي عن السلطة ويعتبرها البيت الأبيض زلة لسان غير مقصودة، إلا أنّ ذلك ضمنياً قد يبدو مقصوداً، وما يجري في أوكرانيا كان محضّراً له عن سابق إصرار وتعمّد، وذلك لاستدراج روسيا إلى الحرب سعياً لإثارة الشعب الروسي وتجيشه ضدّ رئيسه، بما أنه صاحب شعار عالم متعدّد الأقطاب منذ العام 2007، والحرب المباشرة والغير المباشرة التي نظمتها الولايات المتحدة الأميركية والتي اشتهرت بها منذ عقود، كانت تهدف دائماً إلى شعارات الديمقراطية بدءاً من العراق إلى سورية وصولاً الى ليبيا واليمن دون إغفال أفغانستان، واعتمادها على استراتيجية الحرب، ما كانت إلا لتغيير الأنظمة الرافضة لهيمنتها كما سبق وجرى مع إيران وكثر من الدول المحاصرة على مدى عقود، فلم تكتف واشنطن ومعها الغرب الأطلسي بالحرب، بل لجأت إلى استراتيجية العقوبات الاقتصادية على العالم، لتأخذ بعد ذلك كلّ هذه العناوين مسار التلاشي والذهول، وهذا ما أورده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقوله إنّ هيمنة الغرب انتهت، وهذا بالدلالة السياسية يعني بأنّ واشنطن تسعى وراء الحروب لاستعادة هيمنتها باستدراك مسار تراجعها لم يأتِ من فراغ، فكلام بايدن حيال الرئيس الروسي وتمسكه به ورفضه العودة عنه رغم التبرير الناجم عن غضب، لا يبدو مجرد زلة لسان كما أوضح مسؤولون أميركيون، لو لم يكن لإدارة البيت الأبيض انعكاسات يسوده القلق من المغامرة الأميركية التي تفرض قيادتها على العالم تراجع ملحوظ، خاصة بعد الهزائم التي تفي بالنتائج المدمّرة، بعدما كانت تتشدّق بالإنسانية واللباقة المتعارف عليها، تغمس يديها في دم الشعوب بكلّ قباحة وتوحش، ولم تكتف، فماذا بعد أن تخطى بايدن الواقع، متحدثاً بكلّ غباء عن ضرورة إزاحة بوتين من الحكم، وروسيا ثاني قوة نووية في العالم، والكرملين تحدث أكثر من مرة خلال الأسابيع الأخيرة إنه لم يتوانَ عن استخدام السلاح النووي، إذا هدّد أمن بلاده، فكيف الحال في فرض إزاحة رئيسها عن السلطة ما؟ ترجمة زلة السان في الصلف الأميركي وما يدور حول؟
حقيقة في العلم النفسي إذا أردنا تفسيراً واضحاً لهذه الزلة، تحاكي الشكوك بنوايا خبيثة جنونية تعتقد أميركا بأنها تستطيع أن تغيّر نظام العالم ليس فقط روسيا، فهي التي استطاعت أن تحتلّ وتفتعل الاضطرابات والفوضى والمشاكل والكذب والادّعاءات، لم تستطع أن تحقق ما كانت تريده لا في أفغانستان ولا في سورية، وهنا نتحدث عن التحليل النفسي الغربي الذي يقول: إنّ من يضمر شيئاً يبني زلات لسان بنوايا مبيّتة قد تبدو مفتعلة، تعبّر عما يدور في تفكير الشخص، وبايدن ما يعنيه هو أنه مستعدّ لخوض حرب عالمية بشرط أنه ليس معنياً بالنتائج لطالما ينحدر نحو سياسة الجنون الارتيابي، إلا أن سارع قادة عدد من الدول الحليفة للولايات المتحدة إلى التأني، والأجواء السياسية من قبل مهندسي البيت الأبيض يسألون إلى أين يدفعون العالم وأوروبا يتهامسون، وإذا استمرت سياسة نباح النهج فهذا ليس مبشراً بل مدمّراً، وبحسب مصادر قريبة منهم، قالت بأنّ بايدن يسعى الى التغيير الجذري في السياسة الأميركية تجاه روسيا ويحرّض على تغيير النظام في روسيا، وطبعاً هنا التساؤلات كثيرة فيما إذا كانت واشنطن قادرة على ذلك،
ولكن أغلبية سياسات الولايات المتحدة تعتمد على المعلومات الاستخبارية والأمنية الفاشلة بكلّ المقاييس معتقدة بأنها إذا امتكلت أدوات التجسّس قادرة على فعل الكثير وامتلاك العالم، وأنها قادرة على شنّ حرب عادلة، علما أنها لم تكن يوماً عادلة والحروب التي خاضتها تشهد على زلّاتها خارج نطاق القرار الدولي الغير صحيحة حتى يومنا هذا،
في الختام نقول إنّ مؤشرات الفوضى العالمية في محاولة إسقاط بوتين فاشلة، وهناك رعب حقيقي إزاء ما يحصل في روسيا على المستوى الغذائي والنفطي والاقتصادي، وحتى على الاستقرار الدولي والأمني الذي يربك الأوساط في الداخل الاوروبي، بغضّ النظر إن كان يقصد بايدن أولاً يقصد بزلة لسانه فلا على روسيا حرج بعد ما طالبت عشرات المرات أن تكون أوكرانيا محايدة وأن لا تنضمّ إلى الناتو، اليوم الرئيس الأوكراني يصرخ أنه لا يريد أن ينضمّ إلى الناتو لتخرج أصوات الولايات المتحدة تقول: بأنّ هذه المفاوضات غير جدية، والمعنى الحقيقي لهذا الكلام هو في عنوان المقال الذي يستدلّ على مزاج سياسة الغرب وتحديداً واشنطن تجاه تطويق روسيا، لتكون هناك نقطة أساسية مهمة وهي انّ روسيا بالرغم ما يحصل، فتحت باب المفاوضات في موازاة العمل العسكري، على الرئيس الأوكراني الغرق في المستنقع الأميركي إعادة ترتيب أوراقه وقد يبدو أنه سيقبل بأيّ صيغة بعد أن رأى الولايات المتحدة ينتابها خوف عميق وانها تسعى من خلاله إلى التخريب، وما يصبو إليه بايدن لإحياء مشروع القوة العالمية بافتعال أزمات عبر الحرب الروسية الأوكرانية، وعندما قال أوباما في سابق عهده، نحن لم نعد نستطيع أن ندير العالم لوحدنا وهذا كفيل بالأيام المقبلة أن نقرأه ونستوضح منه الكثير في سياسة الغرب الجرداء.