المنتدى الاقتصادي الاجتماعي : لإعادة النظر في مضمون مشروع «الكابيتال كونترول»
عقد «المنتدى الاقتصادي الاجتماعي» ندوةً تحت عنوان «الكابيتول كونترول: ما له وما عليه»، ترأسها وأدارها المحامي عمر زين. وقدّم النقيب أمين صالح ورقة حول الموضوع وجرى بعد ذلك نقاش مفتوح بين المشاركين ساهم بتركيز الخلاصات وتعيين التوجهات .
استهل زين الندوة بطرح موضوع تصريح نائب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وتصريح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والإعلان الملتبس عن إفلاس الدولة والمصرف المركزي والمغزى من توقيت طرح هذا الموضوع .
وشرح صالح مفهوم «الكابيتال كونترول» و»الذي يعني التحكم بحركة رأس المال أو ضبطه. وهو يُعبّر عن القيود التي تضعها الدولة على تحويلات رؤوس الأموال من وإلى البلاد . وتشمل هذه الإجراءات أو التدابير لضبط الأموال في السوق المحلي بغية السيطرة على حجم السحوبات والتحويلات النقدية عبر المصارف. وتشمل أيضاً المحظورات الصريحة التي يُمكن للدولة استخدامها لتنظيم التدفقات من أسواق رأس المال العالمي إلى حساب رأس المال المحلي».
وأشار إلى إيجابيات وفوائد وسلبيات وأضرار «الكابيتال كونترول» وأثره على احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي وعلى الحدّ من تقلّبات أسعار العملات في الاقتصاد والحدّ من الاضطرابات الرئيسية الناتجة عن تدفقات رأس المال الخارجة من الدولة، ما يؤدّي إلى انخفاض سريع في قيمة العملة المحلية .
بعد تناول صالح مشروع قانون «الكابيتال كونترول» الذي وافق عليه مجلس الوزراء بقراره رقم 3 تاريخ 30/3/2022، فعرض أسبابه وأهدافه ومدته ونطاقه الذي يشمل نقل الأموال عبر الحدود وموضوعات الحساب الجاري (الميزان التجاري – ميزان المدفوعات – حساب رأس المال )، وعمليات القطع الأجنبي والسحوبات والتحاويل والمدفوعات المحلية باستخدام حسابات القطع وإعادة الأموال المتأتية من الصادرات وفتح حسابات مصرفية جديدة. وتناول ما تضمنه المشروع من أحكام تتعلق بمراقبة حسن تطبيق القانون والعقوبات المالية والإدارية .
وانتقد صالح بشدّة أحكام القانون ورأى فيها «مخالفة للدستور من حيث التعدّي على الملكية الخاصة ومصادرة أموال المودعين والتمييز بين الودائع القديمة والجديدة خلافاً لمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات «.
ومن جهة أخرى، رأى أن المشروع «يضع الاقتصاد الكلّي بإدارة لجنة من خمسة أعضاء يُسمي ثلاثة منهم رئيس الحكومة بدلاً من مجلس الوزراء الذي يحقّ له وحده وضع السياسات العامّة في البلاد . بالإضافة إلى منح اللجنة صلاحيات استثنائية مطلقة من دون إخضاعها إلى رقابة القضاء أو الحكومة أو مجلس النواب. علماً بأن هذا المشروع يُصادر أموال المودعين ولا يسمح لأي منهم بسحب أكثر من 1000 دولار شهرياً وبالعملة التي تُحدّدها اللجنة، كما لا يُسمح للمودعين بالحصول أو الاستفادة من أموالهم بالعملة الأجنبية بل يفرض عليهم التعامل بالليرة اللبنانية».
وتابع «والأدهى من ذلك هو عدم نصّ المشروع على استعادة الأموال المحوّلة إلى الخارج قبل نشر القانون وتشريع المخالفات التي ارتكبها المصرف المركزي والمصارف التجارية منذ 17 تشرين الأول 2019 ولغاية تاريخه عندما وضعت ضوابط وقيود على السحوبات والتحاويل بشكل استثنائي وغير مستند إلى أي مسوغ قانوني. وتتجلّى الخطورة الأقصى في استبعاد القضاء نهائياً عن حقه في الرقابة على الجرائم المالية التي ارتكبت أو التي سترتكب مستقبلاً من قبل المصارف «.
بعد ذلك ناقش المشاركون مشروع القانون وبالنتيحة، رأى المنتدى «أن التزامن والترابط بين إعلان نائب رئيس الحكومة إفلاس الدولة والمصرف المركزي وبين موافقة رئيس الوزراء على مشروع قانون» الكابيتول كونترول» ، هما وجهان لعملة واحدة ألا وهي التمهيد النهائي لمصادرة أموال المودعين من قبل المصارف والمصرف المركزي والدولة، ومن ثم بيع أو رهن أو خصخصة أملاك الدولة العامّة والخاصة ومرافقها العامّة بأبخس الأثمان بحجة سداد ما تبقى من أموال المودعين «.
واعتبر أن «مشروع القانون يخالف الدستور ومبادئ العدالة والإنصاف لجهة عدم حماية ملكية المودعين لأموالهم، ونزع هذه الملكية لأسباب المنفعة الخاصة بالمصارف والمؤسسات المالية والأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين سرقوا الأموال العامّة والخاصة»، مشيراً إلى أنه «يُقصي القضاء نهائياً عن وضع يده على الجرائم المالية المرتكبة من قبل حاكم مصرف لبنان والمصارف التجارية، في الماضي والحاضر والمستقبل وهو أمر يطعن العدالة ويمسّ استقلالية القضاء التي رعاها وحماها الدستور اللبناني».
ولفت إلى أن المشروع «يتضمّن عفواً ضمنياً وصريحاً للبنوك وللبنك المركزي عمّا اقترفوه من جرائم مالية خطيرة بحقّ المودعين وبحق المكانة المالية للدولة، وهذا أمر يشجع على التمادي في الفساد بأنواعه وأشكاله المختلفة».
كما لفت إلى أن «المشروع المقترح يُلغي عملياً الأحكام الخاصة بالتدقيق الجنائي حيث نصّ صراحةً على أنه يتسم بالطابع الخاص والاستثنائي والمُلزم ويتعلق بالانتظام العام ويُرجّح في التطبيق على ما عداه من القوانين العامّة والخاصة».
وأهاب المنتدى بـ»القوى الحيّة في البلاد والقوى المؤثّرة في القرار الوطني بأن تجتمع وتُجمع على موقف موحّد لإسقاط هذا المشروع الخطير الذي يستهدف إبراء ذمة ناهبي وسارقي المال العام والخاص».
وإذ أوضح المنتدى أنه «ينطلق من رؤية متكاملة لسلبيات النظام السياسي والاقتصادي ويطرح تصوراً بديلاً على المستوى الاقتصادي في الوثيقة التي صدرت عنه عند تأسيسه»، دعا إلى «أن تكون هذه الوثيقة موضع دراسة كل الحريصين على إنقاذ البلاد من الانهيار الذي أوقعته فيه المنظومة الحاكمة منذ عقود».