السّفارة الأميركيّة مفوضيّة للانتخابات النّيابيّة
} شوقي عواضة
بعد فشل العقوبات الأميركيّة على حزب الله ولبنان وصمود المقاومة في وجه الضّغوطات الأميركيّة لا بل نجاحها في إفشال مفاعيل العقوبات الأميركيّة وفرض معادلاتٍ اقتصاديّةٍ جديدةٍ في مواجهة العقوبات دأبت الإدارة الأميركيّة إلى استنفار قوّتها الاقتصاديّة والاجتماعيّة في خطوةٍ استباقيّةٍ لاستقطاب النّاخبين اللّبنانيين في محاولةٍ لتسجيل انتصارٍ أو خرقٍ سياسيٍّ في الانتخابات لكسب أكبر عددٍ ممكنٍ من المقاعد النّيابيّة في البرلمان وبالتالي السّيطرة عليه بعد توالي الخيبات والهزائم السّياسيّة التي مُني بها الأميركي وحلفاؤه. وعلى مدى أشهر بدأت الإدارة الأميركيّة برسم الأحلام الورديّة للشّعب اللّبناني من خلال تقديم عدّة اقتراحات مشاريع حلول للأزمات المتراكمة التي يعيشها الشّعب والتي اصطنعتها الولايات المتحدة ضمن منهجيّةٍ مبرمجةٍ تستهدف أوّلاً وأخيراً المقاومة وسلاحها، وهي بالتالي لا تريد إصلاحاً ولا محاربة الفساد والفاسدين الذين يتمتعون بحماية وحصانة السّفيرة الأميركيّة.
وبالتّجربة الواقعيّة أثبتت الإدارة الأميركيّة مرّة تلو أخرى مدى كذبها وعدم التزامها بما تطرحه من مبادراتٍ وحلولٍ ليس في لبنان وحسب بل أينما وجدت وكان لها تدخّل في العديد من الدّول وإذا ما تابعنا تلك السّياسات لوجدنا حقيقةً واحدةً تقول إنّ الولايات المتحدة الأميركيّة التي تبدي حرصها وخوفها على لبنان واللّبنانيين هي أكثر عداوةً لهم وأكثر شراسةً في حربها الاقتصاديّة عليهم وبالتالي فإنّ كلّ سياساتها لا تصبّ إلّا في خدمة الكيان الصّهيوني المؤقت.
وما يؤكّد ذلك تزايد المؤشّرات التي تؤكّد أنّ الإدارة الأميركيّة تعوّل بشكلٍ كبيرٍ على إحداث خرقٍ في الانتخابات يؤمّن لها أكثريّةً مريحةً لإعادة السّيطرة على القرار لبنان، لا سيّما في ما يخصّ المقاومة وقرار الدّفاع عن لبنان ومواجهة العدوّ الاسرائيلي. وعليه نشطت الإدارة الأميركيّة وسفارتها في بيروت بتقديم الوعود التي لم تفِ بأي منها وهي كالتالي:
1 ـ استجرار الطّاقة والكهرباء من الأردن عام 2021 بعد دخول الرّوسي على خطّ الازمة في لبنان.
2 ـ إمداد لبنان بالغاز من مصر عبر الأردن وسورية.
3 ـ تنشيط عمل وكالة التّنمية الأميركيّة في عددٍ من المناطق اللّبنانية لاستقطاب النّاخبين.
4 ـ رفع وتيرة الأداء الإعلاميّ لتشويه صورة المقاومة وتحميلها مسؤوليّة الأزمات التي يعيشها لبنان من خلال تفعيل دور أدواتها في منظّمات الـ ngos.
كلّ تلك المؤشّرات تقول إنّ سياسات الولايات المتحدة الأميركية في لبنان فشلت فشلاً ذريعاً بعد ما يقارب السنوات الثلاث من العقوبات وحتّى السّاعة لم تحقّق جزءاً من وعودها للبنان، فالطّاقة التي تريد أن تمدّ لبنان بها من الأردن هي من وقفت سدّاً منيعاً في إنجازها حين طرحت روسيا حلّ أزمة الكهرباء من خلال إنشاء محطات تغذيةٍ لكلّ لبنان، والإدارة الأميركيّة التي تريد استجرار الغاز المصري إلى لبنان هي ذاتها تقود معركة ترسيم الحدود اللّبنانيّة مع فلسطين المحتلّة وتقاتل بشراسةٍ من أجل منع لبنان من الاستفادة من حقوله النّفطيّة بل تصرّ على تقديمها للكيان المؤقت.
لم تنجز الإدارة الأميركيّة أياً من وعودها للبنان، وهذا يشير الى مدى التّخبّط الذي تعيشه تلك الإدارة نتيجة إخفاقها ومدى تراجعها في ظلّ إصرار لبنان على التّمسّك بحقوقه. وستسجّل المزيد من الإخفاقات حتّى على مستوى الانتخابات النّيابيّة التي إذا ما جرت فإنّها ستشكّل لهم أمّ الهزائم في ظلّ محاولتها استنساخ الانتخابات العراقيّة وتطبيقها في لبنان وتحويل السّفارة الأميركيّة إلى مفوضيّةٍ للانتخابات تدير عمليّات التّشويه الإعلامي للمقاومة وتدير عمليّات التّزوير الانتخابي من خلال جيش من الـ ngos بعد إدراكها اليقيني بأنّ جهوزيّة المقاومة للانتخابات البرلمانيّة يكتسب أهميّة معركة إسقاط الهيمنة الأميركيّة في لبنان وكسر سطوتها وبالتالي لن يكون المشهد الأميركي إلّا انهزاميّاً يراكم هزائم الولايات الإرهابيّة وإدارتها.