الخال الفلسطيني من اليمن إلى لبنان
} د علي عز الدين*
عملية الشهيد رعد حازم كسرت أمواج الصهاينة، وذلتهم أيّما مذلة، من ضمن سلسلة عمليات بدأت ولن تنتهي بحلّ سياسي على حساب دافعي ضرائب الدم والأرواح، عمليات متكررة لأسودٍ منفردة غير نائمة ولن تنام، أرّقت كلّ دوائر القرار في الكيان المتهالك…
استدعت كلّ القوات العسكرية، الأمنية، الاستخبارية، للبحث عن المنفذ، كما أنها اعتقلت مقعداً خشبياً كان قد جلس عليه الشهيد، تاركاً لنا أن نتخيّل الحب الذي في قلبه. بالأمس ضياء شرب العصير في قلب المعركة والمطاردة. اليوم ربّما طمأنينة المقاتلين تعكس تخبّط الكيان المؤقت الذي ادّعى أنه أردى أحد مستوطنيه عن طريق الشُبهة، مستنظراً أن ينطق خشب المقعد ليقول لهم ارحلوا…
لم ينم الكيان بأسره، أغلقت السلطات البر، البحر، الأرض وما تحتها، لكنها لم تغلق السماء، فكان الضياء ثم الرعد، نزلا كشُهُبٍ على رؤوس مُدّعي الأمن، واعدي الاستقرار للمستوطنين، الذين ما برحوا يخرجون من مشافي الكيان بفعل الإصابات الجسدية حتى يدخلوا إلى عيادات الطب النفسي، وهم منهارين، راجفين وَجِلين…
كان العرب قديماً، يتخَيّرون لأولادهم خير الأمهات، ضمن شروط كثيرة متوارثة، أهمّها الأخوال (إخوان العروس)، لكي يأتي الولد مؤكداً المثل انّ الولد يأخذ ثلثي صفات أخواله من المروءة والشهامة…
الشهيد رعد حازم، كان مثالاً حيوياً لذلك، خالاه استشهدا بمجابهة اليهود، أحدهما في لبنان، مجاهداً وشهيداً..
استدعت سلطات الاحتلال مجموعات القوات الخاصة ـ سييريت ميتكال ـ للمرة الثانية وبلغت من التخبّط ان أغلب أفراد التقطت وجوههم عدسات الكاميرات غير مقنعين بسابقة خطيرة للكشف عن هوياتهم،
المرة الأولى كان استدعاؤهم لأمر طارئ كانت وقت تنفيذ عملية الساحل، لمجموعة الشهيد دلال المغربي عام 1978، من ضمن أبطال العملية المشاركين كان اليمني (محمد حسين الشمري) الذي كان يعشق شابة فلسطينية اسمها فاطمة، مردّداً بأنه يريد أن يكون الفلسطينيون أخوال أولاده أيضاً. اليمن كان حاضراً في قتال العدو «الإسرائيلي» منذ الطلقات الأولى، وهذا ما يؤرق كياناً متهالكاً مع ما أصبح عليه اليوم اليمن من قوة إقليمية مرغت قيادته أنف التحالف الأميركي الصهيوني بحربها عليه…
في المواجهة المقبلة ربما لن نحتاج لمعركة كبرى، أو أخيرة ضدّ الكيان لتحرير الأراضي المغتصبة.
البحث عن ما خلف التطبيع عن جنسيات جديدة للصهاينة ومحاولة شراء جزر يونانية او حتى فيليبينية، يكون أسهل على المستوطنين من الدخول في معركة وجودهم الأخيرة.
المجتمع الصهيوني كله عسكر، ليس بينهم مدني، الغاصب للأرض، للحرية، قاتل الأطفال، ليس مدنياً، المدني هو الفلسطيني المدافع عن بيته وأهله وأرضه ووطنه حتى لو كان يحمل سلاحاً فهو صاحب الأرض، الهواء، الماء، وحتى الأنفاس التي يسرقها المستوطنين من حقه استرجاعها…
اول أيام تأسيس الكيان الغاصب، سُمّي الجيل بالمؤسس، الجيل الذي تلاه كان جيلاً بانياً، أما الآن فنحن أمام الجيل المستهلك الذي يرى الهرب من المواجهة فرصة الحياة، الذي يعمل كلّ شيء في سبيل ترك الخدمة في الجيش، والذي يتناقص طردياً وعكسياً بالتوزع العددي بين المحيط والديموغرافية..
رأينا أسداً رعداً يقف أمام المئات في شوارع تل الربيع ممتشقاً سلاحه بكلّ راحة، يصطاد من يشاء من المستوطنين، في المقابل رأيناهم يهربون كأنهم حُمُرٌ مُستَنفِرة، يدوس بعضهم بعضاً، يتوقون بالابتعاد كيلومترات عن حياتهم التي ما عادت تناسبهم في ظلّ انعدام الأمن، وفي ظل تنامي وتصاعد الفكر الفلسطيني المقاوم وتوجهه نحو الأهداف الكبرى منذ انتفاضة الحجارة، الحجر الذي كان أقصى ما يملكه الشباب الفلسطيني، إلى السكين، الدهس، الآن أمام استخدام الرشاشات، الصواريخ، مع عقيدة راسخة، يختلف المشهد أمام المراقب اليهودي، أمام المستوطنين على حدّ سواء، بسلب نعمة الأمن، لن تبقى أحياء الاحتلال آمنة وبذلك تزول فكرة تأسيس الكيان الغاصب، والحلّ هو بصوت ذلك الرجل الأمين: إحملوا كلاكيشكن وفلّوا… والسلام .