غادة…
كفى بك داءً أن ترى الموت راحةً
وحسب المنايا أن يكنّ أمانيا
غادة سباتين، 47 عاماً، هاجمت جندياً «إسرائيلياً» بسكين، لم تتحمّل داء الإحتلال، بلغ بها السيل الزبى، وبلغت القلوب الحناجر، عرضت الموقف برمته في مطبخ ذاتها، وخلصت بالحسبة البسيطة الفاطرة الى نتيجة مؤداها، المنية أرحم من مزيد من تحمّل هذا الداء، داء الاحتلال، فانبعثت لا تلوي على شيء، ورغم معرفتها الباتّة بأنّ الموقف ضدّ فرصها في البقاء على قيد الحياة، إلّا أنها أقدمت بالسكين، فأطلق عليها الجندي الجبان، المدجّج بالسلاح، رصاص القتل، فأرداها، وتركت تنزف حتى الموت.
مقاتلنا، وباعتراف نسائهم، يطلب منهن الابتعاد حتى لا يصيبهن رصاص الاقتتال، ورغم كمية الكره لهذا الإنسان الغاصب القاتل المنافي لأقلّ معايير الأخلاق وبكلّ أطيافه، ولكن الفارس يبقى فارساً، وذلك الإنسان النبيل حتى في قتاله لألدّ أعدائه تنتابه فروسية قابعة في داخله لا مناص من ان تتدفق حتى في أحلك الظروف، وفي معمعان القتال…
في المقابل فإنّ النذالة والدناءة والجبن في مقوّمات شخصية هذا الإنسان المارق المغرق في غلوّه نحو التوحش والانكفاء الأخلاقي سوف تجد طريقها الى التعبير الفطري أيضاً، حينما كان بإمكان هذا الجندي المدجّج بكلّ أنواع السلاح، والمتجرد من أية قيمة إنسانية ان يطلق الرصاص على الأطراف، وهو قادر على ذلك، فيقوم بشلّ حركة المرأة دونما حاجة الى قتلها، نحن أرباب الفروسية، قيِّض لنا ان نلتحم في صراعٍ ماحق، مع عدو لا يبتعد قيد أنملة في معيار الأخلاق، ولكنه مدجّج بكلّ أنواع تكنولوجيا القتل، بينما لا نمتلك من ذلك إلا النزر اليسير، ولكننا مفعمون بالأخلاق وبالفروسية والنبل، ونحتسب من الله نصراً عزيزاً مؤزراً، وهو لا محالة آتٍ.