المأزق الديموغرافي
كما عهدناهم، بارعون في التكتيك، أغبياء في الاستراتيجية والاستراتيجية العليا، اغتيال هنا، قتل هناك، تدمير هنا، تفجير هناك، وفي النهاية يُحكم الطّوق على دولة التوحش والعدوان، تطبيع وتحالف مع أنظمة مصطنعة لا تملك إرادتها وباعتراف أسيادهم حينما تحدث ترامب عن كبيرهم، والمهيمن عليهم إقليمياً، “مملكة الخير”، التي ستزول خلال أسبوعين إنْ رُفعت الحماية عنها، هذه هي الأنظمة التي تطبّع وتتحالف “إسرائيل” معها، وتهلّل لهذه الإنجازات الباهرة، وتستحضر كلّ ما أوتيت من أدوات الترويج والتسويق لإظهار ذلك وكأنه ذروة البلوغ والانتصار، عملية خداع نموذجية للذات وللآخرين، تكرّس نظرية انّ هذا الكيان البائد خلق على وهم الميعاد، واستجلب كلّ أنواع الخوات والتبرّعات والهبات على وهم الهولوكوست، وهو يبتدع الآن إنجازات وانتصارات على وهم التطبيع والتحالف والقبول مع أنظمة لا تضمن ان تستيقظ غداً وهي ما زالت على قيد الحياة، حتى التاريخ والتراث والشخصية الإنسانية، تسرق وصفات طعامنا، وأزيائنا، وموسيقانا، وأغانينا كيما تصطنع شخصية تراثية لذاتها، أوهام، وخزعبلات، وهوس، ومجتمع تمّ إلصاقه ببعضه من دون ان تجمع بين أجزائه أية قواسم مشتركة سوى وهم الميعاد، شعب مصاب ببارانويا متجذّرة، حادة، نتيجة لعزلته وعدم انتمائه لمجمل الإنسانية العام، يترتّب عليه كردّ فعل شرطي، شعور زائف بالإضطهاد، يسفر عن شعور آخر زائف بالتفوّق، وتراكمات على مدار العصور أنتجت شخصية راكمت الكثير من العقد والخلاصات المريضة…
فلا غرو، وكنتيجة حتمية لذلك أنّ يد الله القدرية والنواميس السرمدية تعاقبهم ديموغرافياً، فكلما توحّش الأنا في تكوينهم، وتضخمت الذات المادية فيهم، كلما عوقبوا في وجودهم الكلّي الديموغرافي، تماماً كما في مملكة الحيوان، كلما زاد تغوّل وتوحّش الفرد في أيّ مجتمع حيواني، كلما تهدّد الكلّ الذي ينتمي اليه هذا الصنف من الحيوان بالانقراض، نواميس كونية سرمدية، الأعراب فقط يفتحون ثغورهم إعجاباً بإنسان كهذا، والأحرى انّ كليهما آيل وقريباً الى الزوال، فهما معاً مصطنعان ويشكلان نقيضاً لمنطق التاريخ، أفولهم حتمي، وسيسارع في ذلك الأفول والتّبدّد، قبضات في الشمال وفي الجنوب وفي منطقة القلب في الضفة والداخل، إنْ انطلقت جميعاً وفي آن واحد، فوداعاً ساعتئذٍ لبيت العنكبوت، وداعاً لذلك الوهم.