فضيحة قانون الكابيتال كونترول
– يدور النقاش حول مشروع الحكومة لقانون الكابيتال كونترول، وهو نقاش للأسف يدور حول القشور. فالمشروع كناية عن نصفين من صفحات عدة وفقرتين من بضعة سطور. نصف تعريفات للكلمات والمصطلحات المستعملة، ونصف ثانٍ لاستثناءات إنسانية من منع التصرف بالودائع وتحويلها، وفقرتين من بضعة سطور تشكلان القانون، واحدة تقول إن أذونات استخدام الأموال وتحويلها تمنحها لجنة وزارية، وثانية تقول إنه تمّ كفّ يد القضاء عن التدخل في هذا المجال.
– كل القوانين تقوم على وضع قواعد واضحة للتعامل في المجال الذي تقوم على تنظيمه، وتتفادى منح صلاحيات تقريرية من خارج نص القانون لأية جهة، وكل مرجعيّة تتولى تطبيق القانون تمتلك صلاحيات تطبيقية لا تنظيمية ولا تقريرية، وإلا تحولت الى بؤرة فساد تستنسب وفقاً للمحسوبيات ولاحقاً وفقاً للمحميات وبعدها وفقاً للعمولات. وكل صلاحية تطبيقية يمنحها القانون لجهة يحرص أن تكون فنية وقانونية لا سياسية، ويجب أن تقابلها سلاسة في القدرة على المساءلة، لأن كل صلاحية تقابلها مسؤولية، فكيف إذا كانت الصلاحية تقريرية وتنظيمية وقد منحت للجنة وزارية حيث السياسة تسرح وتمرح، وحيث المساءلة والمسؤولية مطاط لا يمكن ضبطه، وحيث اللجنة مكوّنة من ذروة التسبب بالقلق على الوضع المالي، طالما ان أركانها هم الذين كانوا أركان الأزمة، من رئيس حكومة ونائبه وحاكم مصرف لبنان ووزير المال ووزير الاقتصاد.
– كل القوانين تضع قواعد وتنشئ جهات مرجعيّة تطبيقية، تحمي حقوق المتضررين بجعل القضاء مرجعاً للبتّ بالنزاعات الناشئة عن تطبيق القانون، وكل الطعون التي تطال آلية عمل المرجعية التطبيقية، فكيف يمكن القبول بالنص على كف يدّ القضاء وبمفعول رجعي؟
– التعديلات المطلوبة تعادل إعادة كتابة مشروع جديد، يستبدل فقرة تشكيل اللجنة الوزارية وصلاحياتها الاستنسابية، بوضع قواعد واضحة وحاسمة لكيفيّة تصرف صاحب المال بماله والضوابط التي ستحكم قدرته على سحب وديعته أو تحويلها بالعملة الأجنبية، بالتناسب مع حجم الوديعة وحجم السحوبات وحجم التحويلات، وبصورة لا تحتاج مراجعة من جهة لا وزارية ولا غير وزارية قابلة للتطبيق الفوريّ تحت طائلة الملاحقة القضائية وفرض عقوبات، وتضييق عمل اللجنة بالاستثناءات التي تزيد عن حدود الحقوق التي يمنحها القانون للسحب والتحويل، ضمن سقوف واضحة أيضاً ومجالات واضحة أيضاً، وتحصر مهمة اللجنة بالتطبيق، وفقاً لمعايير يحدّدها القانون، وتكون لجنة فنية تضم خبراء ماليين يمثلون الدولة والمصارف والنقابات المهنية كممثل للمودعين الذين سيحتاجون للاستثناءات، ويترأسها قاضٍ يختاره مجلس القضاء الأعلى بالتصويت.
– عيب أن يستمرّ نقاش مسودة الحكومة للمشروع، فهو ليس قانوناً، بل فرمان همايوني، يعلن تأميم الودائع لحساب لجنة وزارية غير قابلة للمساءلة والمحاسبة، وتحويل المودعين الى شحاذين يتسوّلون أموالهم والموافقات على سحبها وتحويلها بالتبعية السياسية أو بالعمولة الزبائنية، وفق سلم استنساب مشرعن بدلاً من السلم المطعون به أمام القضاء.