أخيرة

جشع

أتيح لي أن أسافر بالسيارة من أقصى شمال الولايات المتحدة، من ولاية كنتكت، وحتى الحدود الجنوبية مع المكسيك في ولاية تكساس. شخصيّاً أحب كثيراً السفر بالسيارة، لأنك تستطيع أن ترى الطبيعة مباشرة وعن كثب، وتستمتع بذلك أيّما استمتاع، لم تقع عيني على متر مربع من التراب الأصفر، أخضر في أخضر في أخضر، لا يشوبه إلّا ألوان الأزهار الزاهية وزرقة السماء والمياه. كل الولايات فيها أنهار وبحيرات، على سبيل المثال، ولاية بنسلفانيا فيها ستة أنهار رئيسية بما في ذلك نهر ديلاوير ونهر سكوكل ونهر أوهايو الذي يمرّ عبر ولاية أوهايو أيضاً، كذلك يوجد في بنسلفانيا 2500 بحيرة، ولاية ڤرجينيا الغربية فيها مجموعة أنهار أكبرها نهر شيناندوا ونهر بوتوماك. أما ولاية كنتاكي فيمرّ فيها 13 نهراً بما في ذلك نهر كنتاكي وكذلك نهر أوهايو الذي يمرّ عبرها وعبر ولايتي أوهايو وبنسلفانيا. كذلك يوجد في ولاية كنتاكي 45 بحيرة أكبرها بحيرة كنتاكي، 250 ميل مربع، وبحيرة كيمبرلاند، 102 ميل مربع…

لا يتسع المجال هنا لذكر كل الولايات، ولكن كلّ الولايات من أقصى الشمال الى أدنى الجنوب ومن الشرق الى الغرب متشابهة في خضرتها الطاغية، وثرواتها المائية من أنهار وبحيرات وآبار جوفية، أما ما في باطن الأرض، فأميركا هي الأولى في معظم المواد الخام، يعني دولة مشبعة بالثروات الطبيعية والخيرات والمواد الخام بطريقة مذهلة، ولكنها ورغم كلّ هذا الثراء فإنها تنقضّ على بلاد أخرى وشعوب أخرى لنهب ثروات هذه الشعوب، على سبيل المثال، أمتنا العربية في مجملها صحارى بلا حدود، الأراضي الزراعية نادرة، المياه أكثر ندرة، والناس بالقطّارة يحافظون على وجودهم، ظهر النفط لدينا وكان من المفروض ان يكون نعمة، ولكن أميركا والغرب حوّلوه الى نقمة، ففي معرض رغبتهم في الاستحواذ عليه جعلوا من بلادنا ساحة حرب تدفع الشعوب ثمنها بالدماء والويلات والظلم!

هذا هو الغرب وهذا هو حاله، لو امتلك كلّ ما في الوجود، فإنه سيتطلع الى النزر اليسير الذي نملكه، وسيقتلنا كيما يستحوذ عليه، يبلع كلّ خيرات الكون في بطنه، ويصرخ، هل من مزيد، هذه هي مشكلة الإنسانية الحقيقية.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى