نصرالله: حزب الله في خطّ الدفاع الأمامي عن القدس ولن يُسقطنا الحصار والانتصار الكبير والحاسم آتٍ
ـ من أجل القدس تُبنى اليوم جيوش حقيقية وقوى ومقاتلون أولو بأس شديد ـ ما نتعرّض له من عقوبات وتضييق هدفه الأساسي التخلّي عن فلسطين والمقاومة
أكَّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أن القدس هي مسؤولية الأمّة جمعاء، مشدداً على أن «حزب الله كجزء من هذه الأمّة نعتبر أنفسنا في خط المواجهة الأمامية إلى جانب إخوتنا الأعزّاء والمجاهدين الشرفاء في فصائل المقاومة الفلسطينية، نعمل من هذا الموقع ونتحمّل كل التبعات والضغوط ونتطلع إلى اليوم الذي ستعود فيه القدس إلى أهلها و إلى الأمّة».
وفي كلمة له خلال فعاليات «منبر القدس 2022 – المعادلة: القدس يعني حرب إقليمية»، قال السيد نصرالله «نعلم أنّ السبب الأهمّ لما نتعرّض له في لبنان وكذلك لما تتعرّض له دول وحركات المقاومة في منطقتنا، كل من ينتمي إلى هذا الخط إلى هذا المحور إلى هذه الفكرة إلى هذا الأصل إلى هذا الهدف، ما نتعرّض له من حصار وعقوبات وتضييق على المستوى الدولي والإقليمي والداخلي هدفه الأساسي هو التخلي عن القدس وعن فلسطين وعن منطق المقاومة وثقافة المقاومة، هدفه الحقيقي هو دفعنا جميعاً للاستسلام لإرادة أميركا وإسرائيل في تثبيت وجود الكيان الغاصب، وأيضاً للقبول بالتطبيع بكل أشكال التطبيع مع هذا الكيان من قبل كل دول المنطقة وأيضاً القبول بالفُتات الذي يُقدّم للشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة».
وأشار إلى «أن لصمود هنا في مواجهة هذه التضييقات والحصار والإرهاب والتهديد، هو جزء أساسي من معركة المقاومة من معركة المصير والمستقبل وصنع المستقبل»، لافتاً إلى أنَّه «كما لم يُسقطنا القتل والاغتيال والحروب لن يُسقطنا الحصار والضغوط والإرهاب والتشويه».
أضاف «مجدّداً تُطلّ علينا هذه المناسبة العظيمة، المناسبة الإيمانية والجهاديه والعبادية، مناسبة اليوم العالمي للقدس أو يوم القدس العالمي، وليتبّين لنا أنه يوماً بعد يوم، مدى بلاغة وعظمة الحكمة التي تجلّت في إعلان الإمام الخميني لآخر يوم من شهر رمضان المبارك يوماً عالمياً للقدس، ودعوته لشعوب الأمّة وللعالم أجمع بإحياء هذه المناسبة واعتبارها يوماً مركزياً للقدس ولفلسطين ولشعب فلسطين ولهذه المعركة التاريخية الكبرى».
وتابع «يتبيّن ذلك يوماً بعد يوم عندما نرى أنّ هذه القضية تضجّ بالحياة من جديد، تجد لها المزيد من الأنصار المؤيّدين المفكرين المنظّرين المتعاطفين، وأيضاً المجاهدين المستعدّين للتضحية من أجلها، في الوقت الذي كانت إستراتيجية العدو منذ البداية، يعني العدو الذي أسس هذا الكيان، أقصد الاستكبار العالمي والحركة الصهيونية ومَن تعاون معهم خلف الستار من حكومات وأنظمة في العالم العربي، كانت إستراتيجيتهم الرهان على الوقت، أن هذه القضية تُنسى مع الوقت، أن هذه القضية تستهلكها الأحداث، وتُصبح نسياً منسياً مع الزمن، وأن شعوب المنطقة ومن جملتها شعب الفلسطينين وأمام ما تواجهه من تحديات وابتلاءات وصعوبات سوف تتخلّى بشكل أو بآخر عن هذه القضية أو في الحد الأدنى لن تبقى في أعلى سلم الأولويات».
وعن استراتيجية جيش الاحتلال «الإسرائيلي»، قال السيّد نصر الله «كانت إستراتيجيتهم دائماً تُراهن على يأس الشعب الفلسطيني وشعوبنا وأمّتنا، وعلى الإحباط والاعتقاد بأنه لا يوجد أمامنا أي أفق، وما علينا سوى الاستسلام والقبول بالفُتات الذي يُعرض على الفلسطينيين في فلسطين، وعلى بقية شعوب المنطقة في القضايا التي ما زالت عالقة مع الكيان الغاصب، سواء مع لبنان أو سورية على سبيل المثال».
ورأى أنَّ «الرهان كان على النسيان، والتعب واليأس والإحباط، وفي نهاية المطاف على الاستسلام والقبول وما يجري هو العكس تماماً، ببركة الإيمان والجهاد، ببركة التضحيات والبصيرة التي تُعبّر عنها دول وقوى وحركات وشعوب محور المقاومة، هذا الإيمان، هذا الحضور، هذا الصمود، هذا التحدّي، هذا العمل الدؤوب، جعل النتائج مختلفة تماماً».
ولفت إلى أنَّ «القدس تعود اليوم لتكون هي القضية الهدف، وهي القضية الأساس ولتكون هي المحور لكل محور المقاومة، ولذلك أُطلق هذا العام عنوان أو شعار «القدس هي المحور»، محورنا، محور المقاومة المُتعاظم، يجب أن يُسمّى أيضاً محور القدس بحقّ، لأنه في الحقيقة القدس هي النقطة المركزية الجامعة بين هذه الدول والشعوب والحركات والأحزاب وفصائل المقاومة وكل النخب سواء في محور المقاومة أو على مستوى شعوب الأمّة».
وأكد أن «القدس تعود اليوم إلى الفكرة والوعي والعاطفة والمشاعر والوجدان، ولكنها وهو الأهم، تعود أيضاً وبقوة إلى الميدان، بل إلى كل الميادين، من أجل القدس تُبنى اليوم جيوش حقيقية وقوى ومقاتلون أولو بأس شديد، عقولهم وعيونهم وقلوبهم وروحهم شاخصة إلى القدس ومشدودة إليها».
وأضاف «تعود القدس اليوم ولها سيف في غزّة، يُدافع عنها كما حصل في العام الماضي في معركة سيف القدس، وقد شاهدنا في الأيام والأسابيع الماضية من شهر رمضان، كيف كانت معركة القدس حاضرة بقوة في وجدان الشعب الفلسطيني وأيضاً في عقل العدو وحسابات العدو وقرارات العدو وتهيّب العدو».
وتابع «تعود القدس ولها اليوم محور يتجمّع ليصنع معادلته الإقليمية القوية والصلبة من أجل حمايتها أولاً، ومن أجل تحريرها ثانياً إن شاء الله، هذه المعادلة التي أنا اليوم أؤكد عليها والتي نعمل لاستكمال كل عناصرها القوية والمتينة والمتكاملة إن شاء الله».
وأوضح أنَّ «القدس تعود وشعبها في فلسطين وداخل الـ48 وغزّة، يصنع الملاحم التي تهزّ الكيان كما حصل في الأيام القليلة الماضية، وتُثبت لهذا الكيان ولأسياده في العالم، أن هذا الشعب الفلسطيني الأبي والمظلوم والصامد والصابر والمجاهد لا يُمكن أن ينسى ولا يُمكن أن يتيه ولا يُمكن أن ييأس أو يتنازل أو يستسلم، ولن يغادر أبداً أرضه مهما ضاقت أيامه وصعُبت معيشته وعظُمت تضحياته، في آخر المطاف من عليه أن يغادر هو المحتلّ والغاصب».
وعاهد السيد نصر الله الشهداء «الذين قضوا على طريق القدس من الرجال والنساء والصغار والكبار في كل المنطقة ودول الجوار، وفي مقدمهم شهيد القدس القائد الكبير والملهم الحاج قاسم سليماني، الذي أمضى حياته في خدمة هذا الهدف وهذا الطريق، وهذا المحور، وشهد كثيراً من جهاده وتضحيات هذا المحور، وشهد العديد من انتصاراته، وكان يتوق دوماً لمشاهدة الانتصار الكبير والحاسم الآتي إن شاء الله».