جلسة الثقة: سقوط بالون اختبار تأجيل الانتخابات
– ليس خافياً أن الانتخابات النيابيّة مفصل سياسيّ مكاسرة بين محورين يتنافسان على شرعية التمثيل الشعبي، منذ 17 تشرين الأول 2019، محور حاول وراثة الغضب الشعبي وتجييره بوجه المقاومة وسلاحها وتحميلهما مسؤولية الانهيار، ورفع شعار الانتخابات المبكرة، وراهن على خوضها في موعدها لتكون مناسبة تدفع فيها المقاومة من وزن وحجم حلفائها على الأقل ثمناً كبيراً، يكفي لنقل الأغلبية النيابية من مظلة دعم المقاومة وسلاحها، الى مظلة الدعوة لنزع السلاح علناً، والاستعداد لكل أنواع المواجهة مع المقاومة، بعدما تمّت إزاحة الفريق الوسطي في جبهة المواجهة مع المقاومة، التي كان يمثلها الرئيس سعد الحريري وتياره، بسبب دعوتهما لسياسة ربط النزاع حول الخلاف، والسير بالعمل معاً في الحكومة وسائر الاستحقاقات الدستورية.
– المحور المناوئ للمقاومة الذي يتصدّره رباعي 5 أيار 2008، يوم قررت الحكومة التي كان يترأسها الرئيس فؤاد السنيورة، وقد غادرها الوزراء المؤيدون للمقاومة وحلفاؤهم، والرباعي هو الرئيس فؤاد السنيورة ولوائحه والقوات اللبنانية ولوائحها وحزب الكتائب وتحالفاته والحزب التقدمي الاشتراكي، تشكل القوات اللبنانية القوة القيادية فيها نظراً لحجم تمثيلها الأوسع بين حلفائها من جهة، ولما تمثله من مشروع مسلح لمواجهة المقاومة من جهة ثانية، ولكون المواجهة مع المقاومة تدور مع حلفائها في الساحة المسيحية وفقاً لوصفة جيفري فيلتمان وتتولاها القوات، لكن إدارة هذه الجبهة معقودة لسفارتي واشنطن والرياض، حيث حجز المساحات التلفزيونية بالجملة قبل توزيعها بالمفرق على المرشحين المدعومين، وحيث الإدارة السياسية لتجميع المتناقضات وتدوير زوايا لتركيب التحالفات، وحيث رسم سقوف السياسات.
– خلال مرحلة التحضير الممتدّة عبر سنتين، كثر الكلام عن اتهام المقاومة بالسعي لتأجيل الانتخابات، انطلاقاً من منهج تفكير لدى الجبهة المناوئة الداخلية والخارجية، تقول إن التحقق من الفشل في الانتخابات يعني السعي للتأجيل، وكانت الجبهة المناوئة واثقة من فوزها ومن فشل المقاومة وحلفائها، ولذلك كانت واثقة من الاتهام، لكن عندما انقلبت التوقعات بفعل الوقائع، وصارت حقيقة فشل الجبهة المناوئة أكيدة، كان الوقت داهماً وحجج التأجيل قليلة، والاستثمار في أحداث أمنية محدود الأثر، لأنه سيضع الجيش أمام تحمل مسؤولية الفشل في توفير الأمن الانتخابي، وبالتالي إسقاطه معنوياً وسياسياً. وهذا خط أحمر دولي وإقليمي ومحلي، وبقيت بوابة المجلس النيابي، وجاء بالون الاختبار الذي مثله طلب القوات طرح الثقة بوزير الخارجية، فإن كتب للتجربة النجاح، تم البناء عليها بإبطال الانتخاب الاغترابي والدعوة للتأجيل لتصحيح الخلل الذي اتهم به الوزير.
– ما قالته جلسة طرح الثقة بوزير الخارجية، أن حضور خمسة نواب كانت كافية لتوفير نصاب الجلسة، وفقاً لاجتهاد اعتمده المجلس باحتساب نصاب الـ 59 نائباً من قبل رئيس المجلس، الذي سيكون صعباً أن يرفض اعتماده هذه المرة، وفي اللحظة الأخيرة بدا أن قرار الأميركي والسعودي هو صرف النظر عن هذه المناورة، وإجهاض هذه اللعبة لما سيترتب عليها من تبعات، إذا تم الأخذ بخيار تأجيل الانتخابات كتتمة طبيعية للسير بالمناورة. فتولى نواب القوات والاشتراكي تعطيل النصاب، وغاب منهم عن جلسة يفترض أنها جلستهم، ما كان كافياً لو حضروا لتأمين نصاب الـ 65 نائباً وليس فقط نصاب الـ 59، فهل يعقل أن السهو تسبب بغياب نائبي القوات ستريدا جعجع وجان حواط، عن جلسة كان معلوماً منذ دعوة القوات الى عقدها أن المعركة فيها على النصاب أولاً؟