ما لا يعرفه الكثيرون عن الأزمة الماليّة والمصرفيّة
– يعتقد الكثيرون أن المصارف عندما كانت تقدم القروض للأفراد أو للشركات او لمصرف لبنان والدولة كانت تفعل ذلك بحساب حسن نية للمخاطر، وأن الفشل وقع في الحسابات من خارج إرادتها، وأن مصرف لبنان قد فعل الشيء نفسه وإن وقع في الفشل فذلك لأنه راهن على مسارعة الحكومات لاتخاذ إجراءات إصلاح جذرية في المالية العامة بعدما اشترى لها الوقت مراراً، وهو يسمي تمويل تثبيت سعر الصرف وإنفاق أموال المودعين لهذا الغرض الهندسات المالية بعمليات شراء للوقت.
– تكفي عملية اطلاع على تحقيقات لجان الكونغرس الأميركي مع الجهات المالية المنظمة للأسواق المالية، ومنها الحاكم الفدرالي للمصرف المركزي، ولجان تنظيم الأسواق المالية، ووزراء المالية، ومستشاري الرئيس الماليين، وعمداء كليات الاقتصاد في الجامعات الكبرى، وكبار الإعلاميين، ولجان الحزبين الحاكم والمعارض، والأهم رؤساء شركات التصنيف الائتماني التي أتحفتنا بالتقييمات الممنوحة للبنان، صعوداً وهبوطاً، ورؤساء البنوك وشركات التأمين، ومن تستضيفهم التلفزيونات كخبراء، وشركات التأمين، لنكتشف من الشهادات ما لا نتوقعه سواء لجهة مضمون الحقائق والوقائع أو لجهة الوقاحة في قولها وتبريرها.
– سنكتشف أن هناك نظاماً اسمه الفقاعة تمّ تصميمه لسحب الودائع، وتنظيم القروض غير الموثوقة السداد، والدفع نحو المخاطرة، مقابل ابتكار اسمه سندات عدم السداد والتأمين على القروض، واعتبار الإقراض وتوصيفه بأعلى درجات الأمان والتصرف على قاعدة أنه بأعلى درجات المخاطر من خلال الرهان على عدم سداده لا يعتبر احتيالاً ولا يمثل تضارباً في المصالح، بل هو قواعد اللعبة المصرفية الجديدة، وأن الرواتب المرتفعة ونظام الحوافز والعمولات والأرباح الموزعة يطال فئة من عشرات الآلاف بل مئات الآلاف الذين نجوا بما جمعوه تحت شعار أعمال ناجحة ولم يسألهم أحد عنه عندما ثبت أنها فاشلة.
– بعد عام 2008 وإفلاس النظام المصرفي الأميركي وإعادة تمويله من قبل الدولة، تبين أن حجم الاقتصادات الصغيرة هو الأمثل لتجربة الإفلاس الاحتيالي للنظام المصرفي، حيث تستطيع أسواق التأمين العالمية تحمل تبعات الانهيارات الجزئية حيث الحجم أقل من حجم الاقتصاد المصرفي الأميركي، وبالتزامن هرب او نزح مصرفيين كبار من المصارف والشركات المالية الأميركية نحو لبنان واليونان وتركيا وإسبانيا، وسواها من الدول، وكرّم حكام مصارفها المركزية تعزيزاً للثقة بكونهم عباقرة مال، وبدأت خطة النهب المنظمة تحت عنوان النظام المصرفي الجبار.
– قدّمت الإغراءات لجذب الأموال بالفوائد المرتفعة، وتكبير حجمها بصورة جنونية، ثم جرت المقامرة بالودائع وتمويل الدولة غير القادرة على السداد، وقادة الدولة وأركانها يعلمون حجم المخاطرة، لكنهم يستطيبون عائدات الإنفاق دون طائل لتجديد مواقعهم السياسية، والشعب فرح بالإنفاق وهو لا يعلم أن ودائعه هي التي تنفق لإغرائه بسعر صرف وهمي، بينما كبار المصرفيين منشغلون بالمضاربة على سندات الدين بسندات تكفل الدفع في حال عدم السداد وبالتأمين لحالة الإفلاس المالي، وتشاركت شركات التصنيف الائتماني في الخطة، والجميع شريك اليوم بخطة عكسيّة لوضع اليد على أصول الدولة تحت عنوان مشروع النهوض.
– هي جريمة موصوفة مخطط لها وليست أزمة انتهت بالانهيار.