مقالات وآراء

الفلسطينيون… رهان التسوية وخيار الثورة

} عبد معروف

رغم كلّ ما قدّمه بعض النظام العربي الرسمي من تنازلات أمام العدو «الإسرائيلي»، ورغم حالة الانفتاح والتطبيع مع الاحتلال، إلا أنّ الكيان الصهيوني لا يزال حتى الآن، ويبدو أنه سيبقى عدواً أساسياً ورئيسياً ليس للشعب الفلسطيني فحسب، بل للأمة العربية كلها، ويهدّد الأمن والسلام في المنطقة والعالم.

فإلى جانب أنّ هذا العدو كيان قائم على العنصرية والاحتلال والعدوان، والقتل والتدمير والاستيطان، فإنّ سلطات الاحتلال «الإسرائيلي»، لا تزال مندفعة بسياستها وعدوانها وترفض الالتزام بالقوانين والشرائع الدولية، وترفض تنفيذ الاتفاقيات الموقعة خاصة مع الجانب الفلسطيني.

وأمام هذا الواقع القائم، يتصاعد العدوان في المناطق الفلسطينية، وتعمل سلطات الاحتلال على مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات، واقتحام المدن والبلدات والأماكن المقدسة، وتمارس أبشع أنواع القتل والاعتقال والهدم، ما يؤكد أنّ كلّ قرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الموقعة لم تتمكن من وقف العدوان الصهيوني، ولم تضع حداً لسياستها العنصرية.

وهذا ما ضاعف من الحالة المأساوية التي يتعرّض لها الفلسطينيون داخل وطنهم وفي الشتات، كما ضاعف من معاناتهم وأزماتهم، ما يهدّد من مستقبلهم ويهدّد بتصفية قضيتهم الوطنية.

وإذا كانت أوهام السلام، والوعود الكاذبة، بإمكانية إحلال السلام والاستقرار، فإنّ تصاعد العدوان سيؤدّي حتماً إلى انفجار شعبي إنْ تأخر اليوم أو غد، فإنه انفجار آتٍ لا محال، لأنّ الشعب الفلسطيني لم يعد يحتمل كلّ هذا الإذلال والاحتلال، ولم تعد ثقافة اليأس والإحباط تجد لها آذاناً صاغية سوى في صفوف أقلية، ولم يعد الشعب الفلسطيني على استعداد لأن يقدم المزيد من التنازلات بعد أن ثبت له أنّ السلام مع هذا العدو ضرب من الأوهام، بل أمر مستحيل وبالتالي إذا كانت المواجهة أمراً حتمياً، فحالات اليأس ربما تصيب حشداً من الحشود الشعبية، إلا أنّ الشعب الفلسطيني صاحب إرادة قوية، ولن يتخلى عن حقوقه، ولن يصمت طويلاً، ولن يصبر المزيد، أمام تصاعد العدوان، ولم يعد يحتمل هذا التعنّت والتجبّر والتكبّر «الإسرائيلي»، ما يجعل من الانفجار أمر حتمي، لأنّ وقائع الأحداث والتطورات على المسار الفلسطيني أثبتت أنّ هذا العدو لا يريد السلام ولأنّ كلّ الاتفاقيات والقرارات والشرائع الدولية، لم تتمكّن من وضع حدّ لعدوانه وممارساته العنصرية، فالشعب الفلسطيني، لا يجد أمامه اليوم سوى خيار الثورة، الثورة التي تعمل من أجل وحدة طاقات الشعب بعيداً عن الانشقاقات والانقسامات والانحرافات، الثورة الواعية والمنظمة، الثورة التي تخطط وتستعدّ وتقيم وتعمل على تطوير أساليب النضال والمواجهة .

ثورة، تقاوم الاحتلال وتعمل في صفوف الشعب من أجل تطوير وعيه وتنظيم صفوفه وقدراته وتعزيز إرادته.

هذا كله مسؤولية قوى سياسية، تعمل بالسياسة في إطار مسؤولياتها وقوانينها وشروطها، ومسؤولية القيادات الثورية التي تتمكن من الانخراط في صفوف الشعب وتناضل في صفوفه وتعمل على معالجة أزماته، بعيداً عن الكسل والخوف والتردّد وسياسة الانشقاق والانقسام والاغتيال، التي استنزفت الشعب الفلسطيني وأدّت إلى إضعافه وشرذمته وتشتيت صفوفه.

وهي مسؤولية قيادات سياسية مثقفة وتمتلك الفكر الثوري، الذي يتحدث عن معاناة الجماهير الشعبية الاجتماعية والاقتصادية كما يتحدث عن أهدافها الكبيرة، قيادات تمتلك الإرادة والأدوات النضالية من تنظيم قادر وإعلام فاعل ومؤثر، ومؤسّسات تعالج قضايا المجتمع.

ولا يحقّ لأيّ من الفصائل أن تهتف بالثورة، وتلقي خطابات الثورة، وترفع رايات الثورة، وهي خارج ميادين الصراع مع العدو ولا تعمل على تعزيز قدرات ووعي وتنظيم الشعب والدفاع عن وحشد طاقاته في ميادين المواجهة…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى