الانقلاب على الحريري أسبابه وأبعاده…؟
} عمر عبد القادر غندور*
ليست صدفة أنّ رموز تيار المستقبل يجاهرون قبل غيرهم من الطامعين بالإرث الحريري، بعدم مجاراة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بالاعتكاف السياسي وعدم التدخل بالانتخابات التشريعية، أمثال فؤاد السنيورة ومصطفى علوش وغيرهم الكثير من المحسوبين على الرئيس سعد الحريري، وحتى سماحة مفتي الجمهورية دعا الى المشاركة في الانتخابات بكثافة في كلمته بمناسبة عيد الفطر السعيد! وأكثر من ذلك نشطت جمعية المقاصد الإسلامية الخيرية بالإيعاز الى المشايخ والدعوة الى المشاركة المكثفة باعتبار السنة «أهل الصبي» وبالتعاون مع المحطات التلفزيونية المتفرّغة والمطالبة بالتغيير لـ «نزع سلاح المقاومة» ورفض «الاحتلال الإيراني» المزعوم، ما دفع بعض الأقلام للقول إنّ سعد الحريري تخلى عن حرس والده القديم، وعاجز عن استقراء الأحداث، وغير ملمّ بالتخطيط وليس له نظرة رؤيوية مع انهيار شركاته ومؤسّساته المستقبلية الإعلامية والتربوية والخدماتية، والقول إنه لا يملك كاريزما والده…!
مثل هذا النكران تعرّض له الرئيس رفيق الحريري حين قرّر أن يكون زعيماً لبنانياً وليس زعيماً لطائفة واحدة، لكنه لم يلقَ مثل هذا الجحود الذي يلقاه نجله سعد اليوم، والذي حاول ونجح في لملمة بعض تداعيات «السوليدير» التي أصابت اللبنانيين والبيارتة بنوع خاص!
لا شك انّ للمملكة السعودية علاقة بانكفاء الرئيس سعد الحريري برغم وساطات عربية وأجنبية لم تنجح في إصلاح ذات البين، ومن بينها وساطة قادها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؟
ومن قراءة الأحداث على مرّ سنوات مضت، تبيّن انّ السعودية أرادت أن تملأ الفراغ الذي أحدثته وفاة الرئيس المصري جمال عبد الناصر ليس على الساحة اللبنانية بل على الساحة السنية في لبنان التي كانت تدين بالولاء للرئيس عبد الناصر وعلى غيرها من الساحات في الوطن العربي خاصة، ولم يكن الرئيس عبد الناصر في حينها على وفاق مع مملكة آل سعود .
وقد تمكنت السعودية فعلاً من إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية بإقرار اتفاق الطائف (١٩٨٩) الذي أصبح في متن الدستور اللبناني الذي أجمع عليه الجميع.
وبعد إقرار العمل باتفاق الطائف شهد لبنان اعتداءات «إسرائيلية» كبيرة وغزوات تكفيرية واحتياجات مخابراتية لتطويع لبنان… ما أدّى الى انقسامات عنيفة بين اللبنانيين لم يشأ الرئيس سعد الحريري ان يكون فيها «حصان طروادة» وان يلبّي كلّ ما طُلب منه فآثر الاعتكاف الذي هو عنوان بياننا، ولا لزوم للتفاصيل، ولا يكلف نفساً بأكثر من طاقتها او ما تقدر عليه…
وقد حرصنا خلال هذا العرض على عدم الغوص في تفاصيل نعرفها، لكننا فوجئنا بصحيفة «عكاظ» السعودية تؤكد تحت عنوان عريض يقول: «ما قام به الحريري ليس انقلاباً في وجه القوى السياسية بقدر ما كان ارتداداً على الطائفة السنية». ولن نعلق على ما جاء في «عكاظ» تاركين الأمر للقراء.
وهنا ما قالته «عكاظ» حرفياً: «مصدر سني رفيع المستوى أشار الى انّ مشكلة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري مع حلفائه وخصومه في الداخل والخارج والتي دفعته إلى تعليق عمله السياسي كادت تؤدي في وقت من الأوقات الى تعليق مصير طائفة بأكملها إذ انه لم يكتف بالعزوف شخصياً عن الترشح وإنما عمل على وضع تيار المستقبل كقيادات وقواعد خارج المعادلة الشعبية والسياسية في رسالة واضحة الى من يعنيهم الأمر بأنه الأقوى وأنه وحده يمثل الشارع السني، وأنه بذلك قد يسقط الميثاقية السنية عن هذه الانتخابات الأمر الذي قد يدفع من وجهة نظره لتأجيلها، وبالتالي يحفظ بقاءه في المعادلة حتى تتوافر ظروف عودته. وكشف المصدر أنّ صقور تيار المستقبل ممن قرّروا مواجهة موقف الحريري مثل فؤاد السنيورة ومصطفى علوش من طرابلس سيلعبون دور العامل المرجح في إضفاء بعض الشرعية السنية وذلك كافٍ لمواجهة حزب الله».
وأعرب المصدر عن أسفه انّ الحريري لم يدرك حتى اللحظة انّ ما قام به ليس انقلاباً في وجه القوى السياسية بقدر ما كان ارتداداً على الطائفة السنية التي ما زالت تشعر بارتباك في شارعها ما منح حزب الله فرصة ذهبية بفتح باب الدعم على مصراعيه للشخصيات السنية الموالية لأجندته.
وعوّل المصدر على عودة السفير السعودي وليد البخاري الى بيروت والتي منحت الشارع اللبناني جرعة من التفاؤل بوجه الإحباط الذي يسيطر على الأجواء في اتجاه استعادة التوازن السياسي مع إيران المتغلغلة عبر حزب الله، ولفت الى انّ البخاري لم يترك فرصة الا ودعا فيها الى عدم مقاطعة الانتخابات في إطار الحفاظ على اتفاق الطائف وتكريس التوازن والاستقرار في لبنان».