احتفال تكريمي لشهداء الصحافة بدعوة من نقابة المحرّرين والكلمات تؤكد ضرورة إقرار قانون عصري للإعلام
أُقيم يوم الجمعة الماضي، احتفال تكريمي لشهداء الصحافة اللبنانية في عيدهم، بدعوة من نقابة محرّري الصحافة اللبنانية، أمام تمثال الشهداء في ساحة البرج – وسط بيروت، في حضور وزير الشباب والرياضة د. جورج كلاس، المدير العام لوزارة الإعلام د. حسان فلحة، نقيب الصحافة عوني الكعكي وأعضاء من مجلس النقابة، نقيب محرّري الصحافة جوزف القصيفي وأعضاء مجلس النقابة، رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، مدير “الوكالة الوطنية للإعلام” زياد حرفوش”، رئيس الاتحاد العمّالي العام الدكتور بشارة الأسمر وعدد من ممثلي الصحف والمواقع الإلكترونية وإعلاميين.
بعد دقيقة صمت وفاءً لشهداء الصحافة اللبنانية، قدّم عضو مجلس نقابة المحرّرين واصف عواضة للحفل التكريمي بكلمة قال فيها “شهداء 1915 – 1916 الصحافة اللبنانية، لقد تخلصنا من الاحتلال العثماني والانتداب الفرنسي، ولكن الانتداب الأكبر هو هذا النظام السياسي الطائفي، ولكن سنظلّ لا نفقد الأمل لأن مهمتنا كصحافيين تقتضي ذلك (وما أضيق العيش لولا فسحةُ الأمل).
ثم ألقى الكعكي كلمة عدّد فيها شهداء الصحافة على مرّ السنين وقال “عيد الشهداء، هذا اليوم، هو مناسبة وطنية غالية على قلوب كل اللبنانيين. الوحيدة التي لا يوجد خلاف حولها. ولا استقلال من دون شهداء. فالشهداء هم العمود الفقري لكل تحرير ولكل استقلال… كما لا يُمكن أن نتجاهل في هذا العيد، كوكبة الشهداء الذين بذلوا دمهم في سبيل حرية واستقلال لبنان على مدى السنوات الماضية”.
أضاف “كيف لا تكون هذه الذكري حافلة بالأمجاد ولبنان بلد الحريات والأحرار، لبنان بلد الصحافة الحرّة، لبنان بلد الديمقراطية، لا وجود للبنان من دون حريات، ولا وجود للبنان من دون صحافة حرّة ولا وجود ولا ضرورة للبنان من دون ديمقراطية”.
وألقى القصيفي، كلمة قال فيها: “في مثل هذا اليوم من كل عام، نستعيد ذكرى تلك الكوكبة من أحرار لبنان، التي مضت بهاماتها المرفوعة، إلى أعواد المشانق، أراجيح المجد، هاتفة : يا مرحباً بالموت يأتي مرحباً إن يكن حب بلادي السببا. فصغرت الحياة في عيونهم، وكانوا كباراً”.
أضاف “نجتمع اليوم لنكرّم من استشهدوا لتبقى الحرية وتستمر، علامة هذا الوطن وقدره. إن دم شهداء الصحافة والاعلام في لبنان، كان وما زال دعامة الاستقلال وضمانة الحرية وسياج الكرامة الوطنية. كان هذا الدم حبرهم الذي خطّوا به سطوراً خالدات على مر الزمن. فإلى شهداء صحافة لبنان وإعلامه في عيدهم نقول: إنّا على العهد باقون”.
وتابع “ووفاءً لهذا العهد سنبقى في معترك النضال نُدافع عن الحرية والعدالة ونعمل على إقرار قانون عصري للإعلام يستظله العاملون في جميع القطاعات الاعلامية، يكون مركوزاً إلى شرعة وطنية ناظمة، تأكيداً لوحدة أسرتها، ونسعى لتوفير دعم لها يعزز استقلاليتها ويقيها عثرات الارتهان ويجنبها الإرهاب المعنوي والمادي الذي يحرفها عن رسالتها الوطنية والإنسانية”.
ولاحظ “تراجعاً اليوم في مستوى المهنة، في ضوء الدعاوى القضائية غير المبرّرة ومحاولة التذاكي لإرغام الصحافيين والإعلاميين على المثول أمام محاكم الجزاء لا أمام محكمة المطبوعات أو إحالتهم على مكتب جرائم المعلوماتية”، مشيراً إلى “أن التضييق على الحريات لا يقتصر على التهديد الجسدي، إنما يتبدّى في الضغط المادي والمعنوي المتمادي الذي يُهدّد بزعزعة قواعد الاستقلالية والموضوعية لدى العاملين في هذا القطاع، من خلال تخييرهم بين الإملاءات الموجهة ولقمة العيش”. وأكد الإصرار “على إزالة كل العوائق التي تحول دون إفادة الصحافيين والإعلاميين من قانون الحق في الوصول إلى المعلومات، لأن هذا الحق هو الركيزة الأساس الذي يُمكّنهم من أداء رسالتهم على أفضل وجه”.
وتابع “نستلهم سِيَر الشهداء الذي سقطوا مضرّجين بحبر أقلامهم لكي نؤكد التزامنا بالحق والحقيقة وتحرير لبنان من التبعية والفساد والمفسدين وبرفض استباحته والانتقاص من سيادته الوطنية، فنكون سيوف الحق المسلولة وحبر الحقيقة المراق على طروس الحرية، والعين الساهرة والدرع الواقية لوطن الأرز الذي تتربص به الأخطار”.
وقال فلحة في كلمة له “نحن اليوم، جيد أن يكون ماضينا أفضل من حاضرنا، ولكن المشكلة الكبيرة أن يكون حاضرنا أفضل من مستقبلنا، وعليه، نحن كإعلاميين وإعلاميات، نسعى إلى قانون وأنظمة ترعى العاملين في الحقل الإعلامي، بعدما تغيرت وظيفة الإعلام التي أصبحت كبيرة وليست محصورة في مجال أو آخر، ومشكور من سعى من نقابتي الصحافة والمحرّرين وأراد أن يخضع العاملون في مجال الإعلام لشرعة الضمان الاجتماعي والتقاعد”.
أضاف “نحن لدينا حرية إعلامية، لكن يجب أن نرتقي إلى الإعلام الحرّ غير المرتهن لا في الداخل ولا في الخارج ولا للطوائف ولا للمذاهب. يجب أن يكون انتماؤنا وطنياً للداخل أكثر من انتماء إلى أي أحد في الخارج”.
من جهته، أشار الأسمر إلى أن “هذا الرمز شاهد، تحية لشهداء الصحافة الأبيّة الحرّة التي وضعت الأسس للبنان ليكون منارة الشرق والذي اشتهر بكل شيء وأهمها هو الصحافة الحرّة التي تنقل الحقيقة بعيداً عن التشويه وبعيداً عن الارتهان”.
أضاف “الشعب اللبناني أصبح كله شهادة، شهادة على مذبح الفساد، شهادة على مذبح الذل، وشهادة على مذبح الطوابير وشهادة على سرقة المودعين واموال الناس وشهادة أمام تهريب الأموال وشهادة على مشاريع قوانين لا تُعدّ ولا تُحصى والتي كلها لا تمت للقوانين وحقوق الناس بصلة”.
وختم داعياً إلى “أن تكون هذه الوقفة في عيد الصحافة في 6 أيار، للقول لا للفساد ولا لتهريب الأموال وغيرها الكثير، وأن نكون جميعاً مع الوطن مع لبنان وحقوق شعبه”.
وختاماً، كانت كلمة مقتضبة للوزير كلاس قال فيها “أنا سعيد جداً أن أكون مدعواً ومشاركاً كزميل في هذا اليوم، يوم الحرية ومن واجبنا بعد أن نقف دقيقة صمت، أن نقف بمجد وإكبار ليس للذين استشهدوا فقط بل لأن كل حامل قلم هو مشروع ضحية، والحرية هي كيانية في لبنان وطالما أنّ لبنان لديه الحرية هذا يعني أن لبنان باق ولبنان لن يموت وكل عيد صحافة وكل عيد حرية ولبنان بخير”.
وللمناسبة، وجّه عضو تكتل “بعلبك الهرمل” النائب الدكتور علي المقداد “التحية للإعلاميين الشرفاء في عيد الصحافة، الذين لا يرتضون الارتهان ويرفضون المساومة على حساب ضمائرهم الحية، في الوسائل المرئية والمقروءة والمسموعة والمواقع الإلكترونية كافة، الذين يحرصون على نقل الحقيقة للرأي العام المحلي والعالمي بصدق وموضوعية وشفافية”.
وختم “في هذا الزمن الرديء الذي نرى فيه أنظمة عربية تتسابق نحو الخنوع والهوان، وتُهرول للتطبيع مع العدو الصهيوني، وحيث قلّ الناصر والمعين لقضيتنا المركزية فلسطين، سيبقى لبنان واحة حرية للصحافة في محيطنا العربي».
بدوره، قال المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية بمناسبة يوم شهداء الصحافة “كل التحية والإجلال لمن كتب بدمائه أجمل مقالاته. كل التحية والإجلال لمن جعل قلمه رصاصاً ضد الفساد والاستبداد والتبعية والتخلي عن الحقوق. ألف تحية وإجلال لمن جعل الصحافة رسالة تهدف إلى نهضة الشعوب والأمم. ألف تحية وإجلال لمن أكّد أن قول الحقيقة له ثمن باهظ، ولكن السكوت عن الحقيقة له أثمان أعلى بكثير”.
كما وجه التحية لقافلة شهداء الصحافة في لبنان والعالم العربي والعالم كله “لأنهم بدمائهم قد أزهروا حقيقة يحاول الفاسدون والمستبّدون طمسها باستمرار”.
وختم “في عيد شهداء الصحافة ننحي إجلالاً لكل صاحب ضمير حرّ سكب وجدانه في كلمات عبّر فيها عن موقف أمّة في كلّ ما يجري حوله”.
ورأى رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، أن للإعلام “مهمة التشديد على فكرة الوحدة الوطنية”، معتبراً أن “من الضروري أن تدعم المؤسسات الإعلامية، فكرة الدولة وأن تبتعد عن خطاب التشكيك وخطاب الكراهية والانقسامات السياسية والطائفية”.