إعلام…
في السردية الغربية حول المسألة الأوكرانية، والتي تحدث الآن أمام أنظارنا وأعيننا، وتشي بمدى تورّطها في كمّ مذهل من الأكاذيب والافتراءات، فإنّ الفلسطينيين بالذات من بين كلّ شعوب الأرض ليسوا بحاجة الى التمعّن كثيراً لاستنباط الحقيقة، بالذات الفلسطينيين، فهم أكثر شعوب الأرض اكتواءً بقذارة ولا صدقية الإعلام الغربي، سُلبت أرضهم، مورست ضدّهم كلّ أنواع المجازر والمذابح والقتل، تمّ تشتيتهم في أرجاء المعمورة، شوّهت شخصيتهم، وصودرت ذاتهم، ثم قام نفس هذا الإعلام الغربي المرتزق المأجور بوصفهم بالإرهابيين حينما هبّوا للدفاع عن أنفسهم وعن وجودهم، ووصف قاتلهم وسارق أرضهم ومرتكب عشرات المجازر بحقّ نسائهم وأطفالهم وشيوخهم بالإنسان المسالم الحضاري والضحية المسكينة.
الفلسطينيون ليسوا بحاجة للبحث والاستدلال لتبيّن الحقيقة، وفي حقيقة الأمر فالأدعى إلى المنطق هو أنّ كلّ من ينعته هذا الإعلام المرتزق بالسيّئ، لا بدّ أن يكون محترماً، وكلّ من ينعته بأنه جيد ومحترم، لا بدّ أن يكون مجرماً قاتلاً سارقاً، استعرضوا ماذا يقولون عن مادورو وقبله شاڤيز، وماذا كانوا يقولون عن عبد الناصر وعن الخميني وعن غيڤارا وكاسترو، وماذا يقولون عن بوتين وعن بشار الأسد وعن حسن نصرالله، ثم استعرضوا ماذا يقولون عن المعتوه بوجو وبولسينارو وغوايدو وزيلينسكي والقيادة «الإسرائيلية» المجرمة، لتعرفوا أنّ هذا الإعلام هو إعلام مأجور لقوى شيطانية رأسمالية صهيونية مهيمنة، جلّ همّها هو نهب ثروات العالم، والسيطرة على كلّ مقدراته، ثم جعل هذا الشيء يبدو جميلاً أخلاقياً إنسانياً، وجعل كلّ من يقاوم ذلك يبدو إرهابياً لا أخلاقياً شريراً.