مقالات وآراء

البنك الدولي: تعافي لبنان يستغرق من 12 الى 19 عاماً

}  عمر عبد القادر غندور*

 تواصل وسائل الإعلام، وخاصة شاشات التلفزة، ومعظمها تتلقى «هبات» سخية لتأجيج المشاعر وشدّ العصب الطائفي والمناطقي لدفع الناس الى صناديق الاقتراع والتصويت للمرشحين الذين رفعوا شعارات بالجملة والمفرق وأكثريتها يركز على سلاح المقاومة وما يسمّى بـ «الاحتلال الإيراني» المزعوم!

ويتزاحم بعض المرشحين على شاشات التلفزيون في إطلالات مدفوعة الثمن، ويطلقون عناوين وشعارات وادّعاءات وتعهّدات بغرض التغيير ومكافحة الفساد واسترداد ودائع اللبنانيين في المصارف وفكّ رقبة النظام المصرفي! وتطلق القوى التنفيذية وهي ذاتها المتسبّبة بالكوارث التي حلّت في لبنان تعهّدات تعيد البلاد الى ما كانت عليه من بحبوحة وازدهار …

 كلّ هذه الخطابات والتصريحات المدفوعة الثمن وخاصة تلك التي تتحدث عن الفساد والتلزيمات وسرقة أموال المودعين وانقطاع الكهرباء والمحروقات وشحّ الدواء واهتراء مؤسسات الدولة، كلها عناوين يعرفها الجميع، إلا أنّ أحداً من «فرسان» المنابر لم يقدّم مشروعاً أو خطة للمعالجة تطهّر الإدارة وتلجم المصارف وتقضي على الفساد وحماته، وتضع البلاد على سكة التعافي !

 نحن نقول وبكلّ أسف، انّ واقع الحال في لبنان، أمام معضلة عصية أكبر من إخلاص المخلصين حقاً، وأكبر من إمكانيات المساعدات إنْ وجدت، وانّ بلدنا في حالة اهتراء اقتصادي واجتماعي ورؤيوي ضبابي، والناس فيه «مختلفون» على أيّ وجه للبنان يريدون !

 لذلك…

 كلّ الشعارات على الشاشات وفي الشوارع وعلى الجدران، كلها ادّعاءات يطلقها فاسدون ولصوص ومجرمون ووصوليون ومهرّبون وتجار سلاح.

أما المرشحون الصادقون فهم قلة في وسط من الفاسدين.

أما الحقيقة، فهي انّ لبنان يمرّ بأخطر وأدهى أزمة في تاريخه وخاصة تلك التي سبّبتها الحكومات المتعاقبة منذ العام 1993 الى العام 2022، ما ادّى الى انهيار اقتصادي رهيب أوصل الى الجوع والهجرة الجماعية لأهمّ قطاعاته كالطب والتمريض والحِرف، وبلغ التضخم ما نسبته 84.3 في العام 2020 مقارنة بـ 2.9 في العام 2019، وبلغ 100% عام 2021 مقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي بزيادة 5.3 مليار دولار حتى العام 2021 وبلغ إجمالي احتياطي لبنان من النقد الأجنبي 16.25 مليار دولار حتى العام 2020 بتراجع نسبته 35% مقارنة مع العام 2019، ويملك لبنان 286 طناً من احتياطي الذهب، وفقدت الليرة نحو 90% من قيمتها عام 2020 وهي مستمرة في الهبوط، وارتفعت ساعات التقنين للكهرباء الى 22 ساعة يومياً، وبلغ احتياطي المصرف المركزي 17.5 دولار في الربع الأول من عام 2021 مقابل 30.3 مليار دولار 2020، وبات 55% من اللبنانيين تحت الفقر و 23 يعيشون في فقر موقع.

 ويعيش البنك المركزي اللبناني أسوأ ثلاث أزمات مرت في العالم بعد تشيلي واسبانيا، حين احتاجت تشيلي الى ١٦ سنة للتعافي من انهيارها عام ١٩٢٦، واسبانيا بعد حربها الأهلية بين ١٩٣٦ – ١٩٣٩ استغرق تعافيها ٢٦ عاماً، وقدّر البنك الدولي انّ لبنان قد يستغرق تعافيه من ١٢ الى ١٩ عاماً اذا بدأت المعالجات منذ اليوم، ويربط البنك الدولي الأزمة الاقتصادية والسياسية والمعيشية والهدر والفساد بالحكومات السيئة الذكر خلال الأعوام الـ 30 الماضية .

إذن… مَن يصدّق من اللبنانيين أكاذيب الحملات الانتخابية الراهنة؟
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى