مرويات قومية

أحد القياديين البارزين في الحزب… الأمين اسكندر شاوي

نسمع به، إنما لا نعرف عنه ما يغطي الكثير عن سيرته ومسيرته، ولم أجد أنه ترك لنا مؤلفاً أو معلومات يمكن ان نستند اليها.. الى ان قرأت في مؤلف الأمين بشير موصلي “55 عاماً على خطى سعاده” معلومات تضيء على أمين كان له حضوره الحزبي في الخمسينات وتباعاً، فكان عضواً في المجلس الأعلى، ووكيلاً في عمدة الدفاع وقد تميّز بذكائه، بعقله الامني وجبروته.

نعمّم أدناه ما جاء في الصفحات 351-353 من مؤلف الأمين بشير موصلي، داعين الرفقاء الذين عرفوا الأمين شاوي ان يزوّدوا لجنة تاريخ الحزب بمعلوماتهم عنه، على ان نصدر ذلك، مع ما يمكن ان يتوفر لدينا عبر البحث في أدبيات الحزب، في جزء ثان.

* * *

“كلّ عضو في الحزب اعتبر نفسه مسؤولاً عما جرى لسعاده، وانه معني شخصياً بردّ الإهانة، بالثأر او بالانتقام. لم يكن هاجس الردّ قائماً على الثأر والانتقام على أساس العين بالعين او السن بالسن. فعيونَ كلّ من أسهم في جريمة اغتيال سعاده لا يمكن ان تعوّض لفقدانه او خسارته. الثأر والانتقام اخذا معنى العقاب عند القوميين، بمفهوم جديد بعيد عن مفهوم الثأر القبلي والعشائري. واذ هو عندهم عقاب، فليعاقب ايّ رمز من رموز العملاء والتابعين للإرادات الأجنبية ممن هيأوا أو نفذوا هذه الجريمة.

“كان واضحاً انّ رياض الصلح، بممارسته وتصريحاته وتحركاته وتآمره ضدّ الحزب، هو المحرك الأول والمشرف الاساس المهيمن على كلّ ما جرى تخطيطه منذ حادث “الجميزة” حتى تلك الأوقات العصيبة، بما فيها رحلته الى عمّان لتحريض الملك عبدالله ضدّ نشاط القوميين في الأردن. فبدأ تركيز الجهود لإنزال العقاب. فيما القيادات الحزبية الرئيسة غائبة ومتفرقة وموزعة بين السجون، والتواري عن الانظار. وحده اسكندر شاوي تمكن من تشكيل قيادة مؤقته تاريخية فذة دوّخت كلّ قوى الأمن ورجال السلطة.

“تمكن اسكندر شاوي من الوصول الى دمشق، وانتقلنا معاً هو وأنا الى دير صيدنايا وقابلنا الأمينة الأولى، وعدنا في اليوم ذاته، الاثنين الثامن عشر من تموز. كان لقاؤهما حزيناً. وتركتُ له الفرصة لطرح ما يريده معها. تلك كانت أول مرة ألتقي فيها مع اسكندر، وانصرفتُ الى الحديث مع رئيسة الدير والراهبات فيما الطفلات الثلاث صفية وأليسار وراغدة يلعبن من حولنا. ولم يكن صعباً معرفة انّ صفية وأليسار تتشاغلان باللعب وهما مدركتان لما يجري حولهما، فعيونهما تتوزّع وتدور حول كلّ من في الساحة تستقرئ جديداً عن سعاده: هل هناك من جديد؟

“قبل مغادرتي، شرحت لي الأمينة الأولى محاولات حسني الزعيم بالاتفاق مع رياض الصلح تسفيرها الى الأرجنتين وما يخالطه من صعوبات. عدنا الى دمشق وتابع اسكندر سفره الى لبنان لأتابع أنا رحلتي الى حلب.

“الجرائد في لبنان لم يعد لها من حديث عن الحزب سوى نشاط اسكندر شاوي والحملات الأمنية الموجهة لاعتقاله. فالسلطة شعرت بتحركه وبنشاط جديد للقوميين. وازداد عدد المؤيدين كما زادت الهوة بين أهل الحكم والشعب، مما شكل سنداً سهّل تحركهم وعرقل نشاط الدرك والتحري والمكتب الثاني. وفيما حملة عسكرية مركزة تدهم أحد المستشفيات بحثاً عن اسكندر شاوي بناء لإخبارية وردت للتو، يكون هو في “ساحة البرج” يتمشى على أحد الأرصفة منتظراً وصول رفيق او مسؤول تواعد معه على اللقاء، معلقاً جاكيته على طرف اصبعه ملقياً بها خلف ظهره (لعلها كانت واحدة من علامات التعارف). لأن معظم الاخباريات عن أماكن تواجده التي تتلقاها السلطة من مخبر، كان وراءها اسكندر نفسه. شرح لي في طريق العودة الى دمشق أسلوبه في تضليل السلطة حتى يتمكن من التحرك بحرية أكثر في أماكن تواجده، فكان هو يوجه قوات السلطة نحو رأس بيروت ليغطي تحركه في الأشرفية او بالعكس.

“بعض الحملات كانت تسيّر ضدّه مؤللة بالمصفحات والآليات وبكثافة من رجال الأمن. فأتعَب السلطة بأسلوبه الفريد في المقاومة والعمل السري. صحيح انّ عدد القوميين العاملين كان قليلاً، ولكن الصحيح ايضاً انّ تعاون المواطنين معهم خلق عند السلطة جواً من الدهشة من هذا العدد الهائل المتحرك في أنحاء لبنان من أعضاء الحزب، وخصوصاً في العاصمة، من دون ان تتمكن من اعتقال فرد واحد يقودها الى التنظيم.

“كلّ الاعتقالات اصطدمت بحائط مسدود لم يصل ايّ خيط منها الى اسكندر شاوي، حتى الإخباريات الصحيحة والحقيقية لم تؤدّ الى نتيجة. فحذر الشاوي كان متفوّقاً دائماً. يعطي مواعيد شبه علنية يحدّد ساعتها ومكانها، وفي خط مواز يرسل تعليمات معاكسة ومغايرة وبسرية مطلقة، ويغيّر مكانه بعد لحظات… حتى امتلأت عناوين الصحف بأخباره.

“ سنة 1955 عقب ساعات من اغتيال عدنان المالكي، وبعد ست سنوات، كرّر إسكندر جرأته بالأسلوب ذاته. فما ان وصلتُ قرب مكتب الحزب بدمشق لأتفقد الوضع، حتى وجدت اسكندر يقف قريباً مني مواجهاً المكتب على الرصيف ذاته حاملاً جاكيته بأسلوبه القديم عينه. وتلاقت عيناه مع عيني ولم أكلمه ولم يكلّمني، فيما سيارات شرطة الجيش تنقل أعضاء الحزب من المركز.

* * *

وفي كتابه “سراديب النور” يورد الأمين شوقي خيرالله في الصفحة 267 انّ الأمين اسكندر شاوي هو عالم كيميائي وخيميائي معاً، عميد دورته في المعهد الألماني الأعلى للكيمياء في برلين. ويضيف “شكاك كما لا احد. قائد رجال نادر المثال. مربّ مدرّس، منظر وعملاني وميداني ومخترع وعالم ورجل حزب من الطراز الأرفع”.

* * *

بعض من كثير نأمل ان يتأمّن من الرفقاء الذين عرفوا الأمين إسكندر شاوي

منح الأمين اسكندر شاوي رتبة الأمانة في تشرين اول 1954.

اتهم لاحقاً انه كان المحرّض على اغتيال عدنان المالكي.

اقترن من سيدة من منطقة كسروان وأنجب منها ولدين.

كان مميّزاً بالأمن، فائق الذكاء. بعد اغتيال عدنان المالكي. جهّز اسهماً نارية. عمل بيانات ومناشير حزبية كانت تطلق في سماء دمشق، فتنشر فوق المنازل والطرقات ليلتقطها ابناء العاصمة.

كان عضواً في المجلس الأعلى عام 1955.

عمل الأمين أنيس جمال وعقيلته الأمينة سهام، على تأمين إقامة الرفيق فؤاد شاوي (شقيق الأمين اسكندر) وشقيقته ليلى في أحد شقق مركز الحزب في منطقة جان دارك. ولقد التقيت بهما أكثر من مرة، كنت عميداً لشؤون عبر الحدود، لذا لم أكن منتبهّاً الى موضوع تاريخ الحزب، فلم أدوّن له سيرته ومسيرته ومعلوماته، كما لا أذكر انّ أحداً من الرفقاء تنبّه الى ذلك، لذلك فقد رحلت كلها مع رحيله.

ورد في الصفحة 93 من كتاب سعاده في الأول من اذار “انه بعد ان منعت السلطات، الحزب من اقامة حفلة العشاء في فندق النورماندي، أقامها القوميون الاجتماعيون في دار الرفيقين نزار واسكندر الشاوي في الاشرفية بحراسة مسلحة من قبل الحزب”.

* * *

وفاته:

كان الأمين اسكندر شاوي يقيم في بيت مري عندما سقطت قذيفة وقع على اثرها أحد المواطنين من جيرانه، وراح ينزف، فهرع اليه يحمله الى اقرب مستشفى، فكان ان سقطت قذيفة ثانية أودت بحياته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى