ثلاثة حروب عالميّة بالتتابع
تبدو الحرب في أوكرانيا مجرد مرجل يغلي لتظهير الحروب الخفيّة إلى العلن، والطبخة الروسية على نار هادئة خُطّط لها لتكون حرباً طويلة، يتم خلالها بعد إكمال تحرير شرق أوكرانيا وترسيمه دستورياً في دول جديدة، أسوة بما حصل مع يوغوسلافيا في الحرب الأميركية الأوروبية التي فككتها قبل ثلاثة عقود، يكون الجيش الأوكراني قد خرج من الميدان بفقدان القوة المحورية فيه، التي دُمّر نصفها في ماريوبول وينتظر نصفها الثاني نهاية معارك دونباس، فيما أقفلت طرق الإمداد وأحرقت خزانات الوقود، وبالتوازي احتوت روسيا العقوبات وصدمة الانهيار المبرمج تحت وطأتها وصار سعر صرف الروبل مرآة القوة الروسيّة، بينما تدخل أوروبا كل يوم مزيداً من الأزمات تحت وطأة ضغوط موارد الطاقة والغذاء.
مع بدء الحرب في أوكرانيا التقط الفلسطينيون اللحظة وخرجوا إلى الميدان ورسموا خطهم البيانيّ الصاعد، فبادر محور المقاومة إلى ملاقاتهم، وها هي إيران قلعة المحور وعمقه الاستراتيجيّ تستقبل الرئيس السوري والحدث المنتظر كبير، وقادة المحور يستعدّون لحرب مقبلة، سواء في سياق الردّ على انتهاك حرمة القدس، أو في غارة على سورية، أو عمل مخابراتي يستهدف إيران او حزب الله، وصولا لقرار فك الحصار عن غزة، وليس خافياً أن التسخين يتسارع، وأن منع حدوث الحرب ينتظر معجزة.
قبل أن تندلع الحرب الثانية، بدأت المناخات تتهيّأ نحو الحرب الثالثة، فما يجري بين الصين وتايوان، يبدو سائراً بسرعة نحو الحرب، وواشنطن على الخط، والكيانات الثلاثة التي تحوّلت الى كيانات حاجز لإشغال واستنزاف مقدرات القوى الثلاث الصاعدة بوجه الهيمنة الأميركية، روسيا وإيران والصين، ولن يكون مستقبل أوكرانيا وتايوان وكيان الاحتلال سوى الزوال عن الخريطة ككيانات، حتى يتحقق الاستقرار، ويولد نظام عالميّ جديد.