الوقوف والانتظار على التلّ
} بهيج حمدان
لا يبدو أنّ اللبنانيين الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة وهم في قاع جهنم، على استعداد كافٍ لتعليق اختلافاتهم الدهرية ومدّ الأيدي للمشاركة في إنقاذ وطنهم الذي بات واحداً من ١٩٣ بلداً منهكاً، وتدنى احتياطه من ٥٢% مليار دولار في العام ٢٠١٩ الى بضعة مليارات متبقية من ودائع اللبنانيين المنهوبة، وغير مستعجلين لتأجيل اختلافاتهم على ملفات أكبر كملف سلاح المقاومة، والانصراف أولاً الى إنقاذ طارئ وسريع قبل فوات الأوان!
والواضح انّ اللبنانيين لم يتعلموا من حروبهم على مدى خمسة عقود، وما زالت «عقدهم» النفسية تتقدّم على عقولهم ومداركهم! وفي ذلك يقول الإمام علي «ظنّ العاقل أصحّ من يقين الجاهل».
ومن بليغ ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم الأحد الماضي دعوته الجميع ومن دون استثناء، الى التعاون والمشاركة في الإنقاذ والكفّ عن التنقل بين الخيارات المنطلقة من حسابات وخلفيات طائفية ومذهبية وفئوية وشخصية، وبذل الجهد للتخفيف من معاناة اللبنانيين اليومية على كلّ صعيد، وهي الأكثر إلحاحاً من أيّ شيء آخر.
وكان اللافت في خطاب سماحة السيد إشارته إلى أناس وقفوا على التلّ، ولم يُسمّهم؟
والانتظار على «التلّ» الى أيّ جهة يميلون كأصحاب المواقف الرمادية والخيارات الملتبسة والانتظار المريب!
وعن مثل ذلك رجل كان ينتظر فوق تلة تشرف على ميدان معركة أرادها الزبير على الخليفة الراشد الرابع الإمام علي بن أبي طالب! وكان هذا الرجل ينضمّ الى رجال الإمام علي عند كلّ صلاة، وينحاز الى رجال الزبير في ساعة الأكل! ولما سئل عن ذلك قال: الصلاة خلف الإمام أثوب والأكل مع الزبير أدسم….
والأمر الآخر المُلحّ في خطاب سماحة السيد التعجيل باستخراج ثروة لبنان النفطية والغازية من مياهنا الإقليمية وهي التي تمثل خشبة الخلاص للبنان وتعفيه من الشحادة، وكافية لتسديد ديوننا المالية والانطلاق في طريق الكفاية…
وثمة إشارة زمنية بالغة الدلالة في خطاب سماحته وقوله بالحرف:
«ونحن وُلدنا هنا ونُدفن هنا، ونحن أقلّ من يملك بيوتاً وأموالاً أو خيارات في الخارج ولن يضعف ولن يستسلم ولن يتراجع عن لبنان»…