لأكثرية ترفع اليد الأميركية عن استجرار الكهرباء واستخراج النفط والغاز
} خضر رسلان
تمّ تصوير الانتخابات النيابية التي جرت في لبنان مؤخراً على أنها مفصلية من جهة تحديد هوية لبنان وموقعه واصطفافه في اطار الصراع المستمرّ في الإقليم وكتعبير صريح عن مصيرية نتائج الانتخابات النيابية وجدنا ارتفاعاً كبيراً في منسوب التدخل الخارجي حيث امتازت فيه بشكل علني وسافر زيارات السفيرة الأميركية دوروثي شيا في المناطق، والتواجد الميداني المتواصل والمتنقل للسفير السعودي وليد البخاري في مراكز الأقضية والمحافظات من أجل التحشيد وتشكيل اللوائح المناهضة للمقاومة، والهدف من كلّ ذلك محاولة فرض وقائع جديدة يتم من خلالها إنجاز هدف تغيير وجه لبنان المقاوم.
إلا أنّ النتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع أفضت إلى ما لا يوافق تلك التوجهات والأهداف، حيث استطاعت المقاومة كما كان متوقعاً إعادة تأكيد خياراتها الوطنية وتثبيت شبكة أمانها المتين والصلب من خلال جمهورها المباشر والحليف وبنسب أصوات عالية مسقطة جهوداً بُذلت على مدى سنوات طويلة استُعملت فيها مختلف أساليب التوهين والتشويه والترهيب والترغيب دون جدوى، بل ازدادت بيئة المقاومة التمسك بها باعتبارها عنصر الأمان الوحيد في وجه كلّ التهديدات التي تحيط بهم من قبل أميركا و»إسرائيل» وأدواتهم في المنطقة.
أما وقد وضعت الانتخابات النيابية أوزارها وأفرزت كتلاً متنوّعة ويبدو في قراءة أولية للمشهد النيابي هو وجود عدة أقليات وعدم حصول أيّ طرف من الأطراف على الأكثرية الصريحة فضلاً عن متغيّر جديد وهو وصول مجموعة من المستقلين و(التغييريين) الى الندوة البرلمانية وهذا سيؤدّي حتماً الى إعادة قراءة خارطة التوازنات السياسية تحت قبة البرلمان الجديد التي أضحت أكثر تنوّعاً، والاستحقاقات الداهمة سواء منها انتخاب رئيس مجلس للنواب أو تسمية رئيس للحكومة سوف تجعل صورة المشهد النيابي وموقع واصطفاف النواب الجدد اكثر وضوحاً.
لقد أفرزت الانتخابات النيابية وبعيداً عن الشوائب الكبيرة الموجودة سواء كان ذلك في القانون نفسه او من خلال الاختلال في توفير شروط المساواة وتكافؤ الفرص التي حرمت منه عدد من القوى وجمهورها العريض في الخارج أثناء اقتراع المغتربين، وبغضّ النظر عن ذلك ومع وجود هذا التنوع من الكتل النيابية وبعيداً عن لغة الأرقام والأكثريات التي تبارى عليها مختلف المكونات والأحزاب فإنّ الأكثريات المطلوبة لدى الناخب اللبناني الذي يطالب النواب لا سيما من المستقلين (والتغييريين) منهم بالعناوين التالية:
في الشأن الاقتصادي
أ ـ الموقف من النظام المصرفي بشكل عام وآلية التعاطي مع الحاكم.
ب ـ الموقف من الحصار الأميركي المفروض على لبنان والرافض لاستجرار الكهرباء المصري عبر الأراضي السورية.
ج ـ السعي الى إيجاد أكثرية واضحة تترجم الشعارات الانتخابية «السيادية» التي رفعت وذلك من خلال المبادرة الى رفض الإملاءات الأميركية التي تعيق حتى الآن استفادة لبنان من ثرواته النفطية والغازية.
د ـإيجاد أكثرية نيابية تراعي السيادة الوطنية في قبول أو رفض العروض المقدّمة من عدد من الدول في قطاعات الطاقة والبنى التحتية وفق ما تقتضيه مصلحة الشعب اللبناني وحده دون الخضوع للإملاءات الخارجية.
في الشأن السياسي:
أ ـ بناء دولة حديثة عبر إلغاء الطائفية السياسية.
ب ـ تبني قانون انتخاب عصري خارج القيد الطائفي على أساس النسبية سواء كان ذلك عبر لبنان دائرة واحدة او دوائر موسعة.
ج ـ مطالبة السفراء المعتمدين في لبنان احترام القوانين المرعية الإجراء بعدم التدخل في الشؤون الوطنية الداخلية.
لا شك انّ المجهر الشعبي سيرصد بعيون ثاقبة المسار الذي ستسلكه سواء منها الكتل او الوافدون الجدد من نواب مستقلين (وتغييريين) وهذا التنوّع الذي يجمع معظم القوى اللبنانية (باستثاء زعامات وازنة لم توفق لدخول المعترك النيابي بسبب الخلل في القانون الانتخابي) من المرجح ان تكون الفرصة الأخيرة المتاحة لإعادة ترميم مؤسسات الدولة وفق مندرجات وثيقة الطائف وغير ذلك سيكون لبنان واللبنانيون مدعوّين الى الاتفاق على عقد جديد وفق عناوين واقعية تضمن الشراكة والاستقرار.