ماذا سوف نعرف الأحد؟
ناصر قنديل
– بعدما تمّ سحب احتمال إلغاء مسيرة الأعلام من بين الاحتمالات المطروحة في التداول لما سيجري يوم الأحد المقبل، صار الأمر بين مسيرة محدودة العدد منضبطة السلوك، أو مسيرة تصعيدية استفزازية بعدد وسلوك المشاركين فيها. وفي حالة المسيرة الرمزية التي تحفظ مبدأ الإحياء للمناسبة وطقوسها المحدودة دون الذهاب الى المسار التصعيدي، سيكون ممكناً تفادي الانزلاق إلى مواجهة أولى في القدس مع أبناء الأحياء العربية، وثانية مع المرابطين في المسجد الأقصى، وتالياً تفادي موجة تصعيد تنطلق من قوى المقاومة في غزة رداً على الاستفزازات، وهذا سوف يعني ثلاثة أشياء، الأول أن واشنطن وتل أبيب تستوعبان معنى تهديدات المقاومة في غزة، والتزام محور المقاومة معها، وتدركان مفاعيل موازين القوى وتبعات تسييلها في مواجهة مقبلة، ومخاطر خروجها عن السيطرة، وفتح الباب لجولة حرب إقليمية لن تكون في صالح كيان الاحتلال. والثاني أن لواشنطن القدرة على ممارسة الضغط وتحقيق الضبط على أداء وسلوك كيان الاحتلال وحكومته وجيشه، وبالتوازي قدرة حكومة وجيش الاحتلال على ضبط جموع المستوطنين والكيانات المتطرفة، رغم كل ما يقال عن تضعضع سلسلة الضبط من واشنطن الى تل أبيب الى حراك المستوطنين. أما الشيء الثالث الذي سيعنيه ذلك فهو أن جموع المستوطنين والمتطرفين رغم السقف العالي لخطابها، ومحاولتها دفع الحكومة والجيش الى مواقف تصعيدية، قد فقدت الكثير من زخمها، وحيويتها، بعدما تسلل ميزان الردع الى صفوفها، في ظل مشاهد التزاحم نحو الهجرة من الكيان، وستكون الحصيلة الإجمالية لهذه العناصر دخول المنطقة مرحلة جديدة، سيكون فيها فرصة لفرض موازين الردع وفقاً للروزنامة التي أعلنتها المقاومة في غزة، سواء في ملف فك الحصار أو في ملف الأسرى وتبييض السجون.
– الاحتمال الثاني أن تخرج مسيرة الأعلام بصورة استفزازية عدداً وسلوكاً، وأن يؤدي هذا الطابع إلى وقوع الصدام بين المشاركين والشرطة، وصولا لتفريق المسيرة عند بلوغها منطقة خطر التصادم مع المقدسيين والمرابطين. وهذا يعني أن واشنطن وتل أبيب تعملان وفق سلسلة السيطرة والضبط، وانهما تدركان موازين الردع ومخاطر العبث معها، وتخشيان التدحرج نحو تصعيد يفتح الباب لحرب إقليمية، لكن جموع المستوطنين والمتطرفين لم تبلغهما بعد رياح الردع، لكن هذه الرياح لفحت الشرائح الأوسع في الكيان وخلقت توازن قوى سياسي داخلي جديد في التجمع الصهيوني لصالح خيار تفادي المواجهة، لكن هذا يعني أن حكومة وجيش الاحتلال يملكان مصدر قوة جديداً، يتمثل بهذا التحول في التجمع الصهيوني لغير صالح خيار التصعيد، وفي هذه الحالة سنكون أمام مسار متعرج في العلاقة بين الاحتلال وقوى المقاومة، ستحتاج فيه كل حلقة من حلقات المواجهة المقبلة إلى جولة كبيرة أو صغيرة، كما سيعني مزيداً من المواجهات في الضفة ومحاولات جيش الاحتلال لتظهير القدرة.
– الاحتمال الثالث هو أن تقع المواجهة بين المسيرة الاستفزازية والناشطين الفلسطينيين في القدس من مقدسيين ومرابطين، وتنضم شرطة الاحتلال الى المستوطنين في مواجهة الفلسطينيين، وتتصاعد المواجهة، وتنتقل إلى مواجهات شعبية في الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948، بين الشباب الفلسطيني وشرطة الاحتلال. وفي هذه الحالة سنكون على موعد مع موقف عالي النبرة لفصائل المقاومة بمثابة إنذار بموعد إطلاق الصواريخ ما لم تتوقف الاستفزازات والاعتداءات، ويكون الباب قد فتح أمام جولة مواجهة قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، إنه باب نحو احتمال تفجير المنطقة. وهذا يعني أن قيادة الكيان السياسية والعسكرية التي تدرك الموازين الجديدة، تدرك أن الانكفاء الأميركي عامل ثابت، وان مواجهة تجري الآن تسهم بتهيئة التجمع الصهيوني لترسيم حدود القوة، عبر جولة تصب الماء البارد على الرؤوس الحامية سواء للمستوطنين او للتجمع الأوسع للكيان، وتستدرج تدخلاً دولياً لوقف المواجهة بفتح باب للتفاوض حول ملفات صناعة الاستقرار المتوسط المدى، وخصوصاً ملفات الأسرى وفك الحصار والقدس.