«سورية».. بين العدوان الصهيونيّ والتركيّ..
د. جمال زهران*
تتعرّض سورية ـ قلب العروبة النابض ـ لعدوان مستمرّ من العدو الصهيوني، وتدافع سورية عن ذاتها، وتسقط الصواريخ الصهيونية التي تطلق عليها في محيط دمشق دائماً، ويتكبّد العدو خسائر، لكنها على ما يبدو لا تمثل رادعاً للتوقف عن العدوان. وقد يتذرّع العدو بأنه يهاجم أهدافاً إيرانية في داخل سورية، إلا أنه يثبت دائماً خطأ ذلك، وأنّ العدوان الصهيوني له أهداف ومآرب أخرى. لكن يبقى في الأخير أنّ سورية تتعرّض لعدوان منظم ومستمر، هدفه الظاهريّ إثبات عجز سورية عن الدفاع والردّ، وما هو بصحيح، كما أنّ العدوان يحمل رسائل إلى إيران على أرض سورية، وأيضاً العراق. وكأنّ أرض البلدين الحبيبين أصبحت ساحة للمواجهة المباشرة وغير المباشرة بين العدو الصهيوني وبين دول المقاومة (إيران/ العراق/ سورية)!
مؤخراً، لوحظ أنّ سورية قد تمكنت من إطلاق صواريخ (إس/300) على الطائرات والصواريخ للعدو الصهيوني، الأمر الذي أدّى إلى فرارها، والتردّد في التكرار، لكن ليس من المتوقع التوقف عن العدوان سعياً نحو استنزاف سورية، وجرّها إلى معركة غير محسوبة في وقت غير مناسب!
ولذلك، فإنّ الأمر يتطلب مطالبة روسيا، بتقوية دفاعات سورية، بصواريخ (إس/400)، والتي باعتها روسيا لتركيا، العدو الآخر لسورية والعراق والعرب عموماً، والداعمة للكيان الصهيونيّ الذي يدعم أوكرانيا والغرب ضدّ روسيا بشكل سافر!
فضلاً عن مطالبة روسيا، بممارسة الضغوط على الكيان الصهيوني لوقف هذا العدوان، تفادياً لاشتعال المواجهة على هذه الجبهة، لأنّ الصبر له حدود، والضغوط من داخل سورية وكلّ الأحرار في العالم العربي والعالمي، تتزايد المطالبة بالردّ الفوري على ذلك الكيان الصهيوني لردعه، والتوجه نحو هضبة الجولان لتحريرها من الاحتلال الصهيونيّ منذ عام 1967.
على الجانب الآخر، نجد العدو التركي، وهو الذي اعتدى بل احتلّ جزءاً من أراضي سورية في الشمال الغربي، وساند ودعم الإرهابيين المدعومين من أميركا والصهيونية والرجعية العربية، بالمال والعتاد والسلاح. ودخلت القوات السورية في معارك قوية وحاسمة، حتى تقلص الوجود التركي على الأراضي السورية.
وللحق، فقد لعب الصديق الروسي دوراً هائلاً في دعم قدرات الجيش السوري، ليس هذا فحسب، بل في ممارسة الضغوط على العدو التركي، إلى جانب جهود القوات المسلحة السورية، إلى أن تراجع إلى مقربة من الحدود السورية التركية، ولكن لا تزال القوات التركية موجودة في شريط حدودي مع سورية ومع العراق أيضاً. إلا أننا فوجئنا ـ وما هي بمفاجأة في الحقيقة ـ أن يعلن أردوغان (رئيس تركيا)، على الملأ، أنه يخطط لعمل منطقة عازلة مع سورية ومع العراق، داخل أراضي الدولتين، بحجة حماية الأمن والحدود في تركيا! أيّ أنّ الأراضي في كلتا الدولتين مستباحة، إلى درجة أن تقرّر تركيا بإرادة منفردة تنفيذ منطقة عازلة داخل أراضي الدولتين، وقد ألغت سيادتهما عليها، لصالح العدو التركي! فهل هذه التصريحات جادة بالفعل؟! وماذا يتوجب عمله إزاء ذلك؟!
لا شك في أنّ العدو التركي يمارس العدوان على الأراضي السورية والعراقية، ولا تزال الدولتان تتفاديان مواجهة عسكرية مع تركيا، في الوقت نفسه لا نرى الرئيس التركي يرتدع عن هذه التصريحات العدوانية!
ولا شك أيضاً في أنّ تصرفات الرئيس التركي العدوانية، تأتي في ختام التصالحات مع دولتين إقليميتين كبيرتين هما: مصر والسعودية، ومن ثم فإنّ التجرّؤ التركي على دولتي سورية والعراق، يصبح هو الحصاد لهذه التصالحات!
نحن إذن أمام ممارسات عدوانية مباشرة من كلّ من الكيان الصهيوني (إسرائيل)، ومعه تركيا ورئيسها المغرور والمتعجرف الذي يعيش في أوهام الإمبراطورية العثمانية تجاه كلّ من سورية والعراق.
الأمر الذي يستلزم تنسيقاً جديداً مع الصديق/ بوتين، ودولة روسيا، وتحريكاً لعالم الشرق من دول عظمى (الصين/ الهند/ كوبا) لدعم الجهود التي تبذلها الدولتان، فضلاً عن تحريك قوى المقاومة مع هاتين الدائرتين وتتمثل في إيران وحزب الله، والحشد الشعبي، وكلّ قوى المقاومة، فضلاً عن قوى المقاومة في فلسطين، لتحريك الموقف، إما بالردع أو الهجوم الشامل من كافة الأطراف بعد التهيئة الدبلوماسية السابقة، لتتحرّر سورية والعراق بالكامل، ومعها تحرير الجولان، فضلاً عن بدء معركة التحرير الشاملة لفلسطين التاريخيّة الكاملة من النهر إلى البحر.
ختاماً… لا ينسى الشرفاء العروبيّون، جهود الصديق الروسي، ودوره في دعم محور المقاومة، ودعم سورية، ولكننا لا يزال الأمل عندنا في استكمال هذه الجهود لتحقيق الهدف الأشمل وهو التحرير الكامل والشامل لأرض العرب في سورية والعراق، وفلسطين، حتى تتمّ إزالة الكيان الصهيوني من المنطقة، وهو قريب بإذن الله، حسبما نراه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ